أحمد اللوزي ... عميد السياسيين الأردنيين

أحمد اللوزي
حديث اليوم عن شخصية من الرعيل الأول تصدرت عدداً من المواقع الفكرية والتشريعية و الثقافية المتقدمة الا وهي شخيصة رئيس الوزراء الاسبق أحمد اللوزي الذي استطاع نقش اسمه بحروف من نور في تاريخنا المعاصر عبر مسيرته الحافلة بالعطاء والتضحيات والانتماء.فالحديث عن أبي ناصر هو السهل الممتنع فمن السهل الحديث عن شخصيته النقية والهادئة وعن نظافة مسلكه وخلقه واصبح مشهوداً له بذلك ولكنه كان من الممتنع في الحديث عن نفسه أو الترويج لها ، وهو أحد الرجالات الذين بنوا الأردن وشيدوه وعمروه وحرسوه بدمائهم وترفعهم وسموهم وتساميهم.

ولد أحمد اللوزي في عمان عام 1925 وأتم دراسته الابتدائية الأولية في صويلح حتى الصف الرابع وأكمل دراسته من الصف الرابع حتى الصف السابع في عمان وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة السلط الثانوية وحصل على درجة ليسانس في الآداب من كلية تدريب المعلمين في بغداد عام 1950م.

وفي بداية حياته المهنية كان معلماً خلال الفترة 1950 - 1953 ثم مساعداً لرئيس التشريفات الملكية ورئيساً للتشريفات الملكية ومديراً للمراسم في وزارة الخارجية ، وعضواً في مجلس النواب ومساعداً لرئيس الديوان الملكي خلال الفترة 1963 - 1964 ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء من 1964 - 1965 وعضو مجلس الأعيان خلال الفترة 1965 - 1967 ، ووزير داخلية للشؤون البلدية والقروية عام م1967 ، وعضو مجلس الأعيان من 1967 - 1970 ، ووزير للمالية 1970 - 1971 وعضو مجلس أمناء الجامعة الأردنية في 27 ـ 2 ـ 1972 وعضو مجلس الأعيان الأردني 1971 - 1973 ورئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع خلفاً لدولة الشهيد وصفي التل ورئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع للمرة الثانية 1972 - 1973 وعضو مجلس الأعيان الأردني 1973 - 1978 ورئيساً للمجلس الوطني 1978 - 1979 ورئيساً للديوان الملكي الهاشمي عام 1979 ورئيساً لمجلس الأعيان الأردني ، ورئيساً لمجلس أمناء الجامعة الأردنية.

وقد تحدث اللوزي عن ذكرياته في أيام الدراسة قائلاً: عندما كنت طالباً في الصف الثالث الابتدائي في صويلح عام 1937 طلب منا مدير المدرسة الذهاب إلى حديقة المدرسة لزراعة الأشجار فأول ما غرسناه كانت شجرة باسم سمير الرفاعي وكان الطلاب جميعاً من شيشان وعرب يرعون هذه الشجرة لتليق باسم صاحبها وعندما انتقلت إلى عمان كان يشيع ذكر رموز وطنية أمثال سمير الرفاعي وإبراهيم هاشم وتوفيق أبو الهدى لأنهم شوامخ في تاريخ الأردن.

وبين اللوزي عن البدايات الأولى لنشأة مدينة عمان قائلاً: أنا قدمت إلى عمان لاستكمال دراستي الابتدائية عام 1938 وفي تلك السنة كان لي صديق وجار وقد ذهبنا للتجول في أحياء عمان فكانت شركة الكهرباء في السنة الأولى من إنشائها وكانت أعمدة الكهرباء لا تزال خشبية وعلى كل عمود تنبيه خطر من الكهرباء العبث بها يؤدي إلى الموت فهي حقيقة نور لكنها نار تحرق وتقتل وشتان ما بين النور والظلام فهو من أساس النهضة والتقدم وأساس الرؤية السليمة للمدينة بشوارعها وأحيائها وحاراتها. وأضاف اللوزي قائلاً: انتقلت من صويلح إلى عمان وشتان بين صويلح وعمان من حيث الأهمية ومن حيث العمران ومن حيث الاتساع فهي عاصمة الدولة ، وكان الملك المؤسس مدرسة وكان يصلي كل يوم جمعة في المسجد الحسيني الكبير يأتي بموكب من الفرسان الشراكسة إلى الصلاة وندخل ونصلي ونحن طلاب ولم يكن هناك حراسات وليس هناك إعاقات بل كان الناس جميعاً يأتون إلى المسجد بنفس الطريقة وبنفس السهولة واليسر ومازلت أذكر الشيخ الذي كان يؤم سمو الأمير عبدالله والمصلين هو الشيخ ضمره العربي وهو رجل له باع في الدين والشعر واللغة وكان له أيضاً مع سمو الأمير أنواع من مطارحة الشعر والأنس مع عدد من الشعراء الآخرين أمثال فؤاد باشا الخطيب وعرار مصطفى وهبي التل وشريقي باشا وكلهم كانوا شعراء والأمير عبدالله المؤسس هو شيخ الشعراء يقول الشعر ويكتب المذكرات وفي البلاغة لا يشق له غبار ولذلك أعتقد أن اتخاذ الأمير المؤسس لعمان عاصمة له أسرع في بنائها واتساعها وعمرانها وفي جلب التجار إليها ، فقد جاءنا العديد من التجار من فلسطين ومن سوريا ومن كل المناطق وأصبحت قبلة الذين يطمحون في العمل التجاري والتقدم السياسي.أما عن توليه منصب رئاسته الأولى لمجلس الوزراء فقال اللوزي : عندما استشهد الرئيس وصفي التل عام 1971 استمريت أرأس نفس الفريق دون تغيير وكنت أقصد بذلك أن سياسة وصفي التل لم تكن سياسة شخص وإنما سياسة وطن ودولة وصاحب السياسة هو قائد الوطن جلالة الملك المعظم واستشهاد وصفي التل كان عملاً سياسياً دفع ثمن إيمانه بهذا الوطن وقيادته وشعبه فاستمريت بنفس الوزارة ثم بعد أشهر عدلت الوزارة بتشكيل جديد وكان فيها عدد من الأشخاص الجدد حيث كان معالي الأستاذ أحمد الطراونة رئيساً للديوان الملكي ، وصلاح أبو زيد أيضاً في الديوان الملكي مستشار لجلالة الملك الحسين فتم التشاور مع الملك الحسين رحمه الله ووقع الاختيار على أحمد الطراونة أن يدخل الوزارة وكذلك صلاح أبو زيد في جديد المواقع والوزارات وتم تحديد معالي الأستاذ أحمد الطراونة ليكون نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية ومعالي صلاح أبو زيد وزيراً للخارجية لأنه كان وزيراً للإعلام.

وتزاملت مع أحمد الطراونة في ثلاثة مواقع في الوزارة وفي المجلس الوطني الاستشاري وفي مجلس الأعيان بشكل متواصل ومجلس الأعيان قبل أن آتي لرئاسته هو ترأسه مدة سنة ولكن كان مجلس النواب منحلاً فلم يكن مجلس الأعيان ليجتمع إذا حل مجلس النواب تتوقف جلسات مجلس الأعيان واستمرينا بنفس الروح وبنفس النسق وبنفس التعاون وبنفس الثقة المتبادلة في هذه المواقع الثلاثة. وكان أحمد الطراونة لا يفارقني إلا يوم العطلة ففي الصباح عندما أدوام يكون أبو هشام في المكتب ينتظرني كان نشيطاً لا يعرف الهدوء.أما عن طبيعة العلاقة التي كانت تجمع أحمد اللوزي ببهجت التلهوني فقد تحدث اللوزي قائلاً: في عام 1953 كنت مساعداً لرئيس التشريفات الملكية وكنا نلتقي في مكتب المرحوم منيب الماضي في عمارة المرحوم عبدالرحمن بشار الماضي وكنا نلتقي مع دولة بهجت التلهوني عندما كان رئيس محكمة والحقيقة المعرفة الأساسية عندما أصبحت مساعداً لرئيس التشريفات الملكية والمرحوم بهجت التلهوني بعد استقالة فوزي الملقي ، اصبح رئيساً للديوان الملكي عام,1954 وفي عام 1954 بدأت العلاقة أنا كنت موظف في الديوان مساعد رئيس التشريفات وهو رئيس الديوان الملكي والحقيقة لم يكن في ذلك الوقت موظفون في الديوان إلا بعدد اصابع اليدين رئيس الديوان وله مساعد رئيس التشريفات عبارة عن موظفين عاديين منهم أنور مصطفى ، غازي خير ، عبده فرج ، الدكتور شوكت الطبيب الخاص والشريف ناصر جاء ناظراً للخاصة الملكية وتسارعت الأحداث والحقيقة أن دولة المرحوم بهجت التلهوني امتاز بمواقف متعددة.وكان هناك تقاطع في العمل بين أحمد اللوزي وبهجت التلهوني وفي ذلك تحدث أبو ناصر قائلاً: كنت أول وزير لشؤون الرئاسة ودولة بهجت التلهوني كان يختار المجرًبين والمجرَبين حقيقة وكان مع حسن الاختيار كان هناك ثقة متبادلة ومصارحة في الرأي وتؤخذ الخلاصة للخير العام والحفاظ على الصلاحيات الدستورية لكل سلطة ولكل موقع ، له أهمية بالغة بالنسبة لنظرة الناس وبالنسبة للحقوق وبالنسبة للحدود التي يجب أن تحترم طبعاً كانت بيني وبينه صداقة بلغت حد الأبوة والبنوة يعني إلى أبعد الحدود رغم الفارق في الموقف والمركز والمرتبة أنا طبعاً عندما كانت الأعيان كنت عيناً وسافرنا مع عدة وفود للاتحاد البرلماني الدولي في بريطانيا ، وإسبانيا ، وبلغاريا ، وألمانيا وفي رأيي دولة بهجت التلهوني كان مدرسة وكان يعطي للحكم وللسلطة مكانتها وهيبتها بكل احترام وعندما كنت رئيساً للأعيان كان أيضاً خير معين وكان نائباً لرئيس مجلس الأعيان لكن كان حريصاً على أداء الواجب الوظيفي.وأضاف اللوزي واصفاً بهجت التلهوني قائلاً: أنا أترحم عليه الرحمات من رب العالمين ولكنني أستشعر أنه للحقيقة والحق كان رجل مواقف ورجلاً يتوخى العدل ما استطاع إليه سبيلاً ويحب الناس ويقترب منهم ويختلف ويرضى ويغضب لكن للحق وللعدل وليس لشيء شخصي.وكان يتربط أحمد اللوزي بسمير الرفاعي بعلاقة قوية وصفها سمير الرفاعي بقوله: "كان ابو زيد يمثل قمة في كل هذه المعاني والاعتبارات وبرأيي أنه قدوة وأسوة حسنة وسيبقى منهلاً للدرس والاعتبار والتاريخ ، وقد توثقت صلتي به لأن بيت سمير وديوانه مفتوحين للجميع وهو شخصية تمتاز بالتواصل مع الناس".

فيما كانت هنالك علاقة تجمع أبو ناصر بعبد الحميد شرف وقد تحدث دولة الأستاذ أحمد اللوزي عن ذلك قائلاً: الحقيقة أن عبدالحميد شرف كان منفتح الفكر ويحمل الأمانة والرسالة بمنتهى الصدق والشفافية ولذلك كان عندما يتحدث وهو رئيس للديوان الملكي أو هو رئيس لمجلس الوزراء يتحدث ويعبر عن سياسة الأردن كاملة سياسة الوطن سياسة الملك والمؤسسات التي يؤمن بها إيماناً مطلقاً ، الديمقراطية ، الثقافة ، الفكر ، السياسة ، الرأي الآخر ثم وهو مدافع عن الأردن وسياسة الأردن دائماً.أما عن علاقته برجل الاقتصاد الأردني الحاج محمد علي بدير فقد تحدث أبو ناصر عن ذلك قائلاً: فقد زاملني الحاج محمد علي بدير في ثلاث مؤسسات أردنية عظيمة ، المؤسسة الأولى في المجلس الوطني الاستشاري عام1978 واستمر ثلاث دورات في المجلس ثم اشتركنا في مجلس أمناء الجامعة الأردنية لفترة طويلة ثم اشتركنا في مجلس الأعيان إلى أن مرض وأصبح غير قادر على ممارسة العمل فالزمالة في ثلاث مؤسسات عامة اشهد أن أبا عصام كان من خيرة من يعمل بأمانة في هذه المؤسسات في الرأي وبالمساهمة وبالمشاركة وفي المقترحات الطيبة والتي لا يريد من ورائها إلا مصلحة الوطن وكان يتبرع بمخصصاته وراتبه من هذه المؤسسات لأعمال الخير ولتدريس الطلاب وللفقراء.ويقول اللوزي عن الأردن: امتاز هذا البلد العظيم بقوة القيادة الهاشمية وبرسالة الإسلام ورسالة العروبة ورسالة الوحدة العربية لا بد لها من التعبير عنها بهوية محددة وهذه الهوية هي الهوية العربية الإسلامية.اخيرا ، يعد أحمد اللوزي الجندي المخلص الأمين الذي ما تأخر يوماً عن وطنه وأهله ومليكه فقد كان وما زال شهماَ لا يرمي إلا لكل فعل مشرف ، ولا يكتف بالقول بل بالفعل ، أطال الله بعمر عميد السياسيين الأردنيين احمد اللوزي.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).