صالح عيسى يعقوب المعشر

صالح المعشر
يعد الحديث عن صالح المعشر هو حديث عن شخصية وطنية مرموقة من الرعيل الأول ، لها انجازات عظيمة في عالم الإدارة الحديثة والتنمية في المجال الاقتصادي على الصعيدين الوطني والعربي.

لقد كان صالح المعشر رجلاً عالي الهمة متوقد العزيمة لا يعرف المستحيل مشغولا دائما برفع قدرة القطاع الخاص خصوصا القطاع المصرفي وتوجيهه نحو التميز والتفوق ومواكبة آخر ما توصلت إليه تقنيات العمل في المؤسسات المالية ، وساهم إلى حد كبير في تأسيس وبناء اقتصاد الدولة الأردنية.

ولد المرحوم صالح عيسى يعقوب المعشر عام 1906 ، وقد تلقى تعليمه الأساسي في المدرسة الأنجليكية بعدها أرسله والده إلى مدرسة صهيون في القدس ليتابع المراحل التعليمية التالية وهناك عظم حبه لفلسطين ، بعد ذلك انتقل إلى مدرسة سوق الغرب في لبنان وواصل دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت ولكنه عاد إلى السلط مضطراً حيث انقطع عن دراسته ليعود لرعاية أخوته وتدبير أمور الأسرة بعد وفاة والده.

عمل صالح المعشر في حقل الزراعة بمنطقة الأغوار والعارضة وفي عام 1948 أدخل زراعة الحمضيات إلى المناطق المجاورة لمدينة السلط ، مارس العمل النيابي حيث تم انتخابه عن السلط في أول مجلس نيابي وذلك في 20 ـ 10 ـ 1947 عقب استقلال المملكة عام 1946 وانتخب في ثاني وثالث وخامس مجالس نيابية وفي المجلس الأخير عمد المرحوم صالح المعشر إلى تقديم استقالته إثر إعلان الأحكام العرفية وجاء محله فرج أو جابر.

وقد كان صالح المعشر من مؤسسي الحزب الوطني الاشتراكي الذي فاز عدد كبير من أعضائه بالانتخابات النيابية عام 1956 فقد دخل وزارة سليمان النابلسي وعين وزيرا للصحة والشؤون الاجتماعية بتاريخ 29 ـ 10 ـ 1956 ، وفي هذه الوزارة تم التوقيع على اتفاقيات التضامن العربي مع كل من سوريا ومصر والسعودية وأطلقت الحريات العامة وأنهيت المعاهدة الأردنية البريطانية بتاريخ 12 ـ 2 ـ ,1957

كما عين وزيراً للشؤون الاجتماعية في الوزارة التي ألفها بهجت التلهموني في 19 ـ 4 ـ 1970 ، والتي استمرت حتى يوم 27 ـ 6 ـ 1970 ثم عاد إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في وزارة عبد المنعم الرفاعي الثانية بتاريخ 27 ـ 6 ـ 1970 والتي استمرت حتى يوم 14 ـ 9 ـ 1970 وبتاريخ 1 ـ 11 ـ 1971 عين عضواً في مجلس الأعيان التاسع واستمر فيه حتى 21 ـ 8 ـ 1973 كما أعيد تعينه في المجلس العاشر ابتداء من 21 ـ 8 ـ 1973 وحتى 23 ـ 11 ـ ,1974

وكان عندما يخرج من العمل العام ينصرف إلى أعماله الخاصة فنجح في الزراعة والتجارة وسكن عمان عام 1941 وكان من أصدقائه: سليمان النابلسي وعبد الحليم النمر وشفيق أرشيدات وأنور الخطيب وعبد القادر طاش وسليمان السكر وعبد الرحيم الواكد وعبد الحليم العباس وغيرهم.

وقد تحدث العين مروان الحمود عن شخصية المعشر قائلا: أستذكر "العم صالح المعشر" وأذكر وأميز ملامحه وأشعر وأنا أتحدث عنه وكأنني في حضرة شيخ جليل مهيب ، يختزن التاريخ من ميسلون إلى فلسطين. يعيش المأساة ويعيش دولة الوحدة وأفراح النصر الديمقراطي ونكسات الحرية وانقباضها. وأشار الحمود إلى الجلسات التي جمعته بالمرحوم صالح المعشر قائلاً: كان الراحل حدود فكرنا القومي وناسنا أبعد من الحدود التي رسمها (سايكس بيكو) وأضاف الحمود قائلاً: نحن في هذا الوطن لا نعيش مراحل متقطعة أو مفصولة عن بعضها رغم ما أصابنا من نكسات وهزائم ورغم العبث الذي حاول سرقة أحلامنا ، وكان المعشر ورفاقه من أبناء الأردن يرون الشعلة والنور يدمر العتمة والوطن حق وإلا لن يصبح حقيقة ووجودا.

وتحدث المهندس سمير الحباشنة قائلا: كانت مدينة السلط حاضنة لجيل من رجالات الأردن الأوائل اللذين ساهموا في بناء الأردن الحديث ومن مدرسة السلط التي خرجت النخب الأردنية من المفكرين ورجالات الدولة وأضاف الحباشنة قائلاً: إن مرحلتي الإحباط والأمل التي احتضنتا تجربة صالح المعشر ورفاقه الذين شكلوا معه كتلة في البرلمان وهم (سليمان الموسى وعبد الحليم النمر وشفيق أرشيدات) وكذلك الإحباط الأكبر من قيام إسرائيل وإخفاق الجيوش العربية من تحريرها وتكبيل الدولة الأردنية جراء ذلك.

وأضاف الحباشنة قائلاً: لقد عاش المعشر ذروة الإحساس القومي ونموه وتصاعده والتي بدأت من مصر ولبنان وعاش جيل المعشر مرارة هجرة الشعب الفلسطيني بعد اغتصاب فلسطين ، ونوه إلى علاقات المعشر بالرموز السياسية التي كانت في تلك الفترة وإيثاره أن يتولى سليمان النابلسي رئاسة الحكومة بدلا منه باعتبار النابلسي زعيم أكبر الأحزاب في البرلمان.

ووصف القاضي فهد أبو العثم شخصية صالح المعشر الوطنية ودوره في المجتمع ، وأشار إلى حبه للوطن والانتماء إليه وأخلاقه وحرصه على تماسك المجتمع وأياديه البيضاء وإغاثته للملهوفين والمحتاجين ، فالذين يعرفون صالح المعشر أو تعاملوا معه يؤكدون أنه رجل هادئ مثقف ودود تصدى لحل مشاكل وهموم أمته وقضاياها ولذلك فإن وجوده لعدة دورات في مجلس النواب يشير إلى حضوره السياسي ودوره في ميدان الرقابة والتشريع.

وزار المغفور له الملك الحسين بن طلال بيت عزائه ، بعد توفيه نيجة مرض أقعده الفراشوذلك يوم الأحد 26 ـ 8 ـ 1979 ، وقد وصفه الراحل الحسين بأنه كان رجلا عالي الهمة كثير التواضع ، طارحا التكلف ، فيما نعاه رئيس الوزراء واشاد برحلته الطويلة الحافلة بالعطاء والإنجازات في المجال الاقتصادي ، وعدد كبير من الناس لما عُرف عن صالح المعشر الكرم وعمل الخير ومازال الناس يثنون عليه وعلى فضائله وجميل خصائله.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).