محمد علي الكردي

يعد الحديث عن شخصية المرحوم محمد علي الكردي هو حديث عن شخصية أردنية وطنية مرموقة من رجالات الرعيل الأول فهناك محطات بارزة وهامة في حياته فهو رمز من الرموز الوطنية ورجل من رجالها المخلصين وفارس من فرسانها الأوفياء الذين قدموا للوطن خلاصة جهدهم وسخي عطاءهم.

ولد محمد علي الكردي في مدينة معان عام 1903 تلقى تعليمه الأساسي في الكتاب ثم انتقل إلى الشام وهناك تابع دراسته الإبتدائية وعاد إلى الأردن ، عمل في حكومة البلقاء ما بين عامي 1920 - 1922 وكان عمله في المقر العالي في رئاسة الديوان في عمان عند الملك المؤسس عبد الله الأول في المقر العالي ومن ثم عمل ككاتب لرسائل قائمقام عمان ما بين عامي 1924 - 1934 ثم جرى تعيينه مدير ناحية العقبة وخدم فيها في الفترة 1934( - )1935 بعدها انتقل إلى مدير ناحية حبل عجلون وفي نهاية عام 1937 جرى تعيينه قائمقام في عجلون ثم في جرش وأيضاً قائمقام في الطفيلة ، ومن ثم مأمور في دائرة الأراضي وأيضاً متصرف في دائرة الزراعة حيث كان للزراعة دور مهم في دعم الاقتصاد.

وبتاريخ 1 ـ 1 ـ 1945 أصبح متصرفا ثم انتقل إلى معان ومن معان إلى السلط بعد عام 1945 ، لذلك فهو يعتبر من المؤسسين الذين ساهموا في بناء وتأسيس إمارة شرق الأردن وكان له دور إداري مميز منذ تنقله في المناصب التي شغلها من خلال تدرجه الوظيفي وكانت تربطه صلة وثيقة بالملك المؤسس عبد الله الأول حيث كان ديوان الملك عبد الله مفتوحا للجميع وكان يستقبل كافة المواطنين ، ففي المناسبات الرسمية وفي الأعياد يذهب المواطنون للسلام على الملك عبد الله والمعايدة عليه وكذلك فقد كان الملك عبد الله الأول حريصا على أداء صلاة الجمعة في المسجد الحسيني أو في القدس وكان جلالته حريصاً على الاهتمام بالمواطنين ومتابعة أمورهم والإشراف المباشر عليهم ويتجسد ذلك من خلال زياراته الميدانية التي كان يقوم بها إلى جميع المناطق والمواصلة مع المواطنين في مختلف بقاع الإمارة. كما قد عُرف عن الملك المؤسس ذكاؤه الخارق وتحليه بالذاكرة القوية وفي فترة تأسيس الإمارة حرص الملك على استتباب الأمن في المنطقة.

عاصر المرحوم محمد علي الكردي الملك طلال طيب الله ثراه حيث كان يعمل آنذاك مساعداً لأمين عمان في الفترة ما بين عامي 1950( - )1963 وقد عاصر عدة أمناء حيث كانت عمان بلدية ومن ثم صارت أمانة وبعدها عاصمة ويطلق الآن عليها اسم أمانة عمان الكبرى.

وقد تحدث ابن المرحوم السفير الاردني السابق لدى االاتحاد السوفيتي عبد الإله محمد الكردي قائلاً: عاصر والدي الكثير من الرؤساء مثل هزاع المجالي والمرحوم صدقي القاسم والسيد محمد طوقان وحسني سيد الكردي وآخرين وأضاف: عمان كانت مركز مهم وكان المقر العالي والديوان الملكي وكان هناك اهتمام خاص من جلالة الملك المؤسس ومن بعده جلالة الملك طلال طيب الله ثراه.

كان المرحوم محمد علي الكردي قد أشرف على مد مياه وادي السير ومياه عين غزال وكانت عمان محدودة ورسمها الهندسي محدودا وقد شارك في تطوير ومتابعة المسؤوليات الملقاة على عاتقه بالرغم من أن أمانة عمان أو بلدية عمان كانت ميزانيتها محدودة وإمكاناتها محدودة حيث كانت تعمل على استقبال المواطنين والإنفاق عليهم ومتابعة قضاياهم بكافة أمورها. وبعد عام (1963) أحيل محمد علي الكردي على التقاعد وانقطع عن العمل وصار يعمل في العمل الخيري في مجال مساعدة المحتاجين وعمل على تأسيس جمعية صلاح الدين الأيوبي الخيرية.

لقد عاصر المرحوم محمد علي الكردي جلالة الملك المؤسس الشهيد عبد الله بن الحسين وجلالة الملك طلال طيب الله ثراه وجلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وأسكنهم فسيح جناته وكان دائماً يقول في شخصية الملك الحسين عمل على بناء الأردن وتطويره وكان همه تطوير الشباب ومتابعة قضاياهم.

من أهم الرجالات الذين عاصروا محمد علي الكردي وعملوا معاً على تطوير الأردن ، المرحوم عمر مطر حيث كان وزير داخلية وكان قد تبوأ عدة مناصب في الدولة والمرحوم بهجت التلهوني وكان رئيس وزراء في الديوان الملكي وأحمد اللوزي وكان وقتها يعمل في الديوان الملكي الهاشمي العامر فترة رئيس الوزراء توفيق أبو الهدى وسمير الرفاعي ، أيضاً سماحة الشيخ الشنقيطي ، وآخرون تبوأوا مسؤوليات في الدولة الأردنية أيضاً سعد جمعة ، حابس المجالي ، توفيق قطان كان من الرعيل الاقتصادي الأول ، ياسين التلهوني من رجال اقتصاد البلد وأضاف اللواء عبد الإله محمد علي الكردي قائلاً: كانت عمان بلد محدود ، واللقاءات كانت تتم في المنازل وكانت أكثر اللقاءات بعد العمل تتم على لعب الشطرنج وتناول الشاي الأخضر وكان يشاركهم في هذه اللقاءات الشيخ الشنقيقي وكان الشنقيطي في المحكمة الشرعية ، وأثناء إقامتنا في عمان كنا نقيم في شارع الهاشمي وهذا الشارع كان يسكنه الشيخ الشنقيطي والتوتنجي وشوكت الساطي وهو الطبيب الخاص للملك المؤسس وكان لفترة يسكنه مسلم باشا العطار وهو مسؤول كبير وكان الشارع الرئيسي فعندما يذهب صاحب الجلالة إلى الديوان الملكي يمر في شارع الهاشمي.

لقد حرص المرحوم محمد علي الكردي على أن يتلقى أولاده ذكوراً وإناثاً أفضل أنواع التعليم فاللواء عبد الإله محمد علي الكردي بعد أن حصل على شهادة الماجستير التحق بالعمل في دائرة المخابرات العامة وبقي فيها حتى حصل على رتبه لواء ثم تم نقله ليعمل في وزارة الخارجية حيث كان أول سفير يتم تعيينه في ماليزيا كسفير مقيم وذهب وأسس السفارة وبدأ العلاقة الرسمية وكذلك فقد شغل منصب سفير المملكة الأردنية الهاشمية في روسيا وأوكرانيا وشقيقه تابع دراسته الجامعية وحصل على شهادة أوبتشن للنظر وكان من أوائل الذين عملوا في فحص النظر ومعالجة العيون والتحق بالقوات المسلحة وخدم في الخدمات الطبية لحين وفاته أما شقيقاتهم فقد عملن في سلك التعليم.

أما عما يقوله في والده الرمز والقدوة فقد تحدث عبد الإله محمد الكردي قائلاً: لقد أخذنا من والدنا الأمانة والإخلاص في العمل وتحمل المسؤولية دون النظر إلى المكاسب وإنجاز أعمالنا بكل أمانة وإخلاص وأخذنا أيضاً متابعته للعمل وإنجازه على أكمل وجه وتقدير الأسرة المالكة لما تقدمه من جهد وإنجاز فهي قدوة لنا في العمل ومدرسة تعلمنا كيفية المحافظة على وطننا وتحمل المسؤولية وعدم استغلال الوظيفة لتحقيق المصالح والمكاسب الشخصية ، حرص والدي على السعي دوماً لإصلاح ذات البين فكان يقطع المسافات الطويلة للوصول إلى مواقع حل المشاكل بين المواطنين سواء أكانت إشكالات أراض أو عائلات أو أسر أو عشائر كان يعمل على متابعتها وحلها.

أخذ العديد من الأوسمة الملكية نظراً لجهوده المبذولة وشارك في مؤتمر أريحا وكانت له مشاركة في قضية تتويج الملك عبد الله ملك على الضفتين في عام ,1950

توفي المرحوم محمد علي الكردي عام 1983 بعد مسيرة عمل وعطاء حيث قام بواجبه حق قيام أخلص لوطنه ولأمته وتحمل صعوبات الحياة ومشقاتها ، عمل في جميع مناطق الأردن فمن السلط إلى عمان إلى الكرك إلى العقبة ، كان جريئاً في قول الحق لا يخشى لومه لائم فهو بحق من الرجالات الذين ساهموا وقدموا الكثير لوطنهم.

رحم الله محمد علي الكردي وأسكنه فسيح جناته .
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).