‏إظهار الرسائل ذات التسميات ص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ص. إظهار كافة الرسائل

الأستاذ الجليل صالح الدرادكة

|0 التعليقات
الأستاذ صالح درادكة

يعد الحديث عن شخصية الدكتور صالح درادكة حديثا عن واحد من أهم رجالات الأردن الممتد تاريخهم والمشهود لهم بإنجازاتهم العظيمة ، حيث تكبر الأمة بأولي العلم وبأرباب الفكر فالأرض الأردنية ولاّدة لرجالات عرَّفوا العالم بأن هذه الأمة العربية هي أمة عظيمة في رسالتها وثقافتها ، رجالات كانوا دوماً على العهد ، فأوفوا بعهد الوفاء ونذروا كل ما يملكون من الغالي والنفيس قرباناً ليزيدوا من خلاله حبهم لوطنهم عن طريق بعث النهضة العلمية الحديثة والعمل على إرساء قواعد التقدم والتطور والسير بالأجيال إلى الأمام فهو بحق أستاذ جليل صاحب عقل مستنير وعمل ونتاج غزير حرص على أن يقدم لطلابه كل ما لديه من مخزونه العقلي والمعرفي. 

ولد الدكتور صالح درادكة في قرية زوبيا الواقعة شمال الأردن عام (1938). والتحق بكتّاب القرية في سن مبكرة ثم عَمًد والدُه إلى إرساله إلى مدرسة دير أبي سعيد لمواصلة تعليمه ، وفي هذه المدرسة درس عامين فقط نظراً لقيام معظم أبناء القرية بترك الدراسة فما كان من والده إلا أن قام بنقله إلى مدرسة العروبة الواقعة على سفح التل الجنوبي في اربد ثم عاد إلى مدرسة دير أبي سعيد وتقدم لامتحان المترك وذلك في نهاية الصف السابع ، درس الأول والثاني والثانوي في مدرسة الرمثا ثم انتقل إلى مدرسة اربد الثانوية معلماً في إحدى المدارس الإعدادية. 

ثم التحق بجامعة دمشق عام (1962) ليكمل دراسته في قسم التاريخ وليتخرج عام (1966) حاصلاً على شهادة البكالوريوس ثم التحق بجامعة الأزهر بالقاهرة لدراسة الماجستير وقد تخرج من جامعة الأزهر عام (1972) حاصلاً على تقدير جيد جداً بعدها التحق ببرنامج الدكتوراه تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الفتاح شحاته وقد قدم أطروحته والتي تحمل عنوان "العلاقات العربية اليهودية حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين" وذلك عام (1977) وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية بمرتبة الشرف الأولى ثم جرى تعيين الدكتور صالح درادكة في جامعة مراكش لتدريس الحضارة العربية الإسلامية وذلك في العام الدراسي 1978 - ,1979 ونظراً للمستوى العلمي والأكاديمي الذي يتحلى به الدكتور الدرادكة فقد تم تعيينه في قسم التاريخ في الجامعة الأردنية. وقد بدأ عمله في الجامعة الأردنية في 3 ـ 10 ـ 1978 كمحاضر. 

وللأستاذ الدكتور صالح درادكة العديد من الأنشطة بالإضافة إلى عمله الأكاديمي فقد كان رئيساً لقسم التاريخ في الفترة ما بين 1990 - 1995 واختير مشرفاً عاماً على لجان تأليف كتب التربية الوطنية والاجتماعية للمرحلة الأساسية لوزارة التربية والتعليم الأردنية للعام 1992 ـ 1993 وذلك بتكليف من الجامعة الأردنية واختير أيضاً عضواً في الوفد الأردني للمؤتمر العام لليونسكو في دورته السابعة والعشرين وممثلاً للوفد في اللجنة الثقافية ، كما شغل أيضاً نائباً لرئيس جامعة جرش الخاصة من 1995 - 1996 وعمل رئيساً لتحرير مجلة جرش للبحوث والدراسات من 1995 - 1998 وأيضاً مستشاراً لمناهج التاريخ لدى سلطنة عُمان من 1998 - 2001 ونائباً لعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا للعام الجامعي 2001 - 2002 . 

ورئيساً لقسم التاريخ من 2003 - 2004 ، كما جاء أستاذاً زائراً في قسم التاريخ ـ جامعة اليرموك (إجازة تفرغ علمي) من 2004 - 2005 . 

وللدكتور الدرادكة العديد من المؤلفات منها بحوث في تاريخ العرب قبل الإسلام ، الإنسان في القرآن ، العلاقات العربية اليهودية حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين ، طرف الحج الشامي في العصور الإسلامية ، فتوح الشام للواقدي - جمع وتحقيق ودراسة. وهناك أيضاً العديد من المؤلفات التي شارك في تأليفها منها المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية ، وكتاب السمات الإنسانية في الحضارة العربية الإسلامية ، أعمال الندوة العلمية الثقافية لأعمال المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ، بحوث ودراسات مهداة إلى عبد الكريم غرايبة ، بلاد الشام في العصر العباسي ، كتب التربية الوطنية والاجتماعية لوزارة التربية والتعليم العمانية من الصف الثاني وحتى السادس وغيرها الكثير من المؤلفات. بالإضافة إلى العديد من البحوث المنشورة منها الديمقراطية والدستورية في الإسلام ، لمحات من تاريخ أيلة (العقبة) في العصر الإسلامي ، الحرب عند القبائل العربية قبل الإسلام ، سكة حديد الحجاز ، البريد وطرق المواصلات في بلاد الشام في العصر العباسي بالإضافة إلى العديد العديد من البحوث المنشورة وقد أشرف الأستاذ الدكتور صالح درادكة على خمسة عشرة رسالة دكتوراه وأشرف على اثنين وعشرين رسالة ماجستير ولا يفوتنا أن نتطرق إلى ذكر بعض الندوات والمؤتمرات التي شارك فيها الأستاذ الجليل صالح درادكة ومنها: مؤتمر تاريخ العرب العسكري ، المؤتمر الدولي لتاريخ بلاد الشام ، الندوة العالمية لمالية الدولة في صدر الإسلام ، الندوة العالمية الخامسة للسمات الإنسانية في الحضارة الإسلامية ، الندوة العالمية لشؤون القدس ، المؤتمر العالمي للدراسات المورسكية ، مؤتمر اتحاد الجامعات العربية المنعقد في الجزائر ، ندوة القدس بين الماضي والحاضر ، ندوة دمشق عبر التاريخ ، المؤتمر الدولي الثامن لتاريخ بلاد الشام. 

وقد حصل الدكتور صالح درادكة وعبر مسيرة عمله على العديد من الأوسمة منها وسام المؤرخ العربي ووسام التربية والتعليم الأردني بالإضافة إلى حصوله على العديد من كتب التقدير من مؤسسات عربية وأردنية. 

وقد نظمت الجامعة الأردنية احتفالية خصت بها الأستاذ الدكتور صالح درادكة تم فيه ذكر مناقبه وصفاته وإنجازاته العملية ، وكان للدكتور الدرادكة مشاركة قال فيها: إن هذه الاحتفالية ترمز إلى عناية الجامعة بالعلم والعلماء والحرص على أن تحافظ الجامعة على مسارها الذي أنشئت من أجله ، فقد وجد العلم لاستكشاف المجهول ، ولجعل الإنسان صالحاً للحفاظ على الحياة واستمرارها ، كما أراده الله خليفة في الأرض ، ليعمرها ويصلح فسادها والإنسان يتنازع في ذاته بين الصلاح والفساد وليس هذا التنازع شرا كله ، وإنما هي حالة تهدي إلى الصواب فالله سبحانه يقول: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" ووصف النفس باللوامة والأمارة بالسوء ويتمثل النجاح والخلاص بكبح الشر والنزوع نحو الخير والفضيلة وهنا يأتي دور المعلم الأب الروحي للأجيال الحالية والقادمة فهو رسول الحياة التي أرادها الله لبني البشر ، ولا يقاس عمل المعلم بما يتمتع به من فصاحة وبيان وحسن هندام ، وإنما يقاس نجاحه في مقدار ما يتركه من أثر في تكوين طلابه بعد مرور الزمن ، أي بمقدار ما يدينون له باكتساب مهارة البحث والتنقيب والجد والمثابرة ، والجرأة والصدق في طرح الرأي وقبول غيره بعد التثبت والإلمام. فالأصل أن يظل المعلم معطاءً متفانياً ، دونما طلب للشهرة والجاه والمال ، وإلا تحول إلى تاجر المفسدات والله يصف النخب المجتمعية: "بالذين آمنوا وعملوا الصالحات" إننا بأمس الحاجة للذين يعملون الصالحات فهؤلاء في نور الله "في جنان العلم" ونور الله لا يهدى لعاصي ، والعاصي الذي يخرج عن طاعة الله ويدخل في طاعة الشيطان والطاعة هنا لا تتمثل بالعبادات فقط وإنما بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهؤلاء هم المفلحون. 

وقد تحدث الأستاذ الدكتور مفيد عزام في شخصية الدكتور صالح درادكة فقال: لقد عُرف الدكتور صالح درادكة بتبحره في علوم التاريخ إيماناً منه بأن الأمة التي تطل على تاريخه تقوى على ترميم حاضرها وبناء مستقبلها فالتاريخ عنده هو موئل الحكمة ومصدر العظمات والعبر ، ونحن إذا نحتفي اليوم بالدكتور صالح درادكة ، فإنما نحتفي به عالماً جليلاً وباحثاً صبوراً غيوراً ما انفك طيلة يومه الدراسي ، يتحرى المعلومة ، ويبحث عن الحقيقة من مظانها ، حتى أغنى النفوس الظامئة إلى العلم والارتقاء في سُلّمه وأثرها بالحكمة والرأي السديد. 

وقد تحدثت الدكتورة غيداء خزنه كاتبي في الاحتفالية التي أقامتها الجامعة الأردنية بمناسبة بلوغ الأستاذ صالح درادكة سن السبعين فقالت: إن بقاء الحضارات وامتدادها ، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى إنسانيتها ، وأن تكريم الإنسان للإنسان يكون باحترام فكره وتقدير انجازاته ، ونلتقي اليوم بهذا الجمع المفكر لتكريم الفكر ورفع شأنه ، والمتمثل في تكريم الأستاذ الدكتور صالح درادكة ، الذي قدم خلال مسيرته العلمية مؤلفات عدة ، أثرت المكتبة العربية بموضوعاتها ، بل غدا بعضها مرجعاً للعلماء لما تضمنه من معلومات موثقة لا يعرفها إلا القلة من الباحثين ويجهلها الكثيرون من المتعلمين ، بالإضافة إلى العديد من الدراسات التي اتسمت بالجدية والتنوع. 

يسجل لأبي سلام بأنه رجل المهمات الصعبة لم يجامل على حساب الوطن بل ظل الأردن هاجسه الدائم يعشق العمل ويقدس تراب الوطن. والدكتور صالح درادكة الذي يمتلك الخبرات الكثيرة والعلم الوفير نجده اليوم يمضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة ويحاضر ويكتب كل ما من شأنه أن يخدم العلم ، وما زال وبحمد الله يتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية تؤهله لخدمة الأردن.

صالح عيسى يعقوب المعشر

|0 التعليقات
صالح المعشر
يعد الحديث عن صالح المعشر هو حديث عن شخصية وطنية مرموقة من الرعيل الأول ، لها انجازات عظيمة في عالم الإدارة الحديثة والتنمية في المجال الاقتصادي على الصعيدين الوطني والعربي.

لقد كان صالح المعشر رجلاً عالي الهمة متوقد العزيمة لا يعرف المستحيل مشغولا دائما برفع قدرة القطاع الخاص خصوصا القطاع المصرفي وتوجيهه نحو التميز والتفوق ومواكبة آخر ما توصلت إليه تقنيات العمل في المؤسسات المالية ، وساهم إلى حد كبير في تأسيس وبناء اقتصاد الدولة الأردنية.

ولد المرحوم صالح عيسى يعقوب المعشر عام 1906 ، وقد تلقى تعليمه الأساسي في المدرسة الأنجليكية بعدها أرسله والده إلى مدرسة صهيون في القدس ليتابع المراحل التعليمية التالية وهناك عظم حبه لفلسطين ، بعد ذلك انتقل إلى مدرسة سوق الغرب في لبنان وواصل دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت ولكنه عاد إلى السلط مضطراً حيث انقطع عن دراسته ليعود لرعاية أخوته وتدبير أمور الأسرة بعد وفاة والده.

عمل صالح المعشر في حقل الزراعة بمنطقة الأغوار والعارضة وفي عام 1948 أدخل زراعة الحمضيات إلى المناطق المجاورة لمدينة السلط ، مارس العمل النيابي حيث تم انتخابه عن السلط في أول مجلس نيابي وذلك في 20 ـ 10 ـ 1947 عقب استقلال المملكة عام 1946 وانتخب في ثاني وثالث وخامس مجالس نيابية وفي المجلس الأخير عمد المرحوم صالح المعشر إلى تقديم استقالته إثر إعلان الأحكام العرفية وجاء محله فرج أو جابر.

وقد كان صالح المعشر من مؤسسي الحزب الوطني الاشتراكي الذي فاز عدد كبير من أعضائه بالانتخابات النيابية عام 1956 فقد دخل وزارة سليمان النابلسي وعين وزيرا للصحة والشؤون الاجتماعية بتاريخ 29 ـ 10 ـ 1956 ، وفي هذه الوزارة تم التوقيع على اتفاقيات التضامن العربي مع كل من سوريا ومصر والسعودية وأطلقت الحريات العامة وأنهيت المعاهدة الأردنية البريطانية بتاريخ 12 ـ 2 ـ ,1957

كما عين وزيراً للشؤون الاجتماعية في الوزارة التي ألفها بهجت التلهموني في 19 ـ 4 ـ 1970 ، والتي استمرت حتى يوم 27 ـ 6 ـ 1970 ثم عاد إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في وزارة عبد المنعم الرفاعي الثانية بتاريخ 27 ـ 6 ـ 1970 والتي استمرت حتى يوم 14 ـ 9 ـ 1970 وبتاريخ 1 ـ 11 ـ 1971 عين عضواً في مجلس الأعيان التاسع واستمر فيه حتى 21 ـ 8 ـ 1973 كما أعيد تعينه في المجلس العاشر ابتداء من 21 ـ 8 ـ 1973 وحتى 23 ـ 11 ـ ,1974

وكان عندما يخرج من العمل العام ينصرف إلى أعماله الخاصة فنجح في الزراعة والتجارة وسكن عمان عام 1941 وكان من أصدقائه: سليمان النابلسي وعبد الحليم النمر وشفيق أرشيدات وأنور الخطيب وعبد القادر طاش وسليمان السكر وعبد الرحيم الواكد وعبد الحليم العباس وغيرهم.

وقد تحدث العين مروان الحمود عن شخصية المعشر قائلا: أستذكر "العم صالح المعشر" وأذكر وأميز ملامحه وأشعر وأنا أتحدث عنه وكأنني في حضرة شيخ جليل مهيب ، يختزن التاريخ من ميسلون إلى فلسطين. يعيش المأساة ويعيش دولة الوحدة وأفراح النصر الديمقراطي ونكسات الحرية وانقباضها. وأشار الحمود إلى الجلسات التي جمعته بالمرحوم صالح المعشر قائلاً: كان الراحل حدود فكرنا القومي وناسنا أبعد من الحدود التي رسمها (سايكس بيكو) وأضاف الحمود قائلاً: نحن في هذا الوطن لا نعيش مراحل متقطعة أو مفصولة عن بعضها رغم ما أصابنا من نكسات وهزائم ورغم العبث الذي حاول سرقة أحلامنا ، وكان المعشر ورفاقه من أبناء الأردن يرون الشعلة والنور يدمر العتمة والوطن حق وإلا لن يصبح حقيقة ووجودا.

وتحدث المهندس سمير الحباشنة قائلا: كانت مدينة السلط حاضنة لجيل من رجالات الأردن الأوائل اللذين ساهموا في بناء الأردن الحديث ومن مدرسة السلط التي خرجت النخب الأردنية من المفكرين ورجالات الدولة وأضاف الحباشنة قائلاً: إن مرحلتي الإحباط والأمل التي احتضنتا تجربة صالح المعشر ورفاقه الذين شكلوا معه كتلة في البرلمان وهم (سليمان الموسى وعبد الحليم النمر وشفيق أرشيدات) وكذلك الإحباط الأكبر من قيام إسرائيل وإخفاق الجيوش العربية من تحريرها وتكبيل الدولة الأردنية جراء ذلك.

وأضاف الحباشنة قائلاً: لقد عاش المعشر ذروة الإحساس القومي ونموه وتصاعده والتي بدأت من مصر ولبنان وعاش جيل المعشر مرارة هجرة الشعب الفلسطيني بعد اغتصاب فلسطين ، ونوه إلى علاقات المعشر بالرموز السياسية التي كانت في تلك الفترة وإيثاره أن يتولى سليمان النابلسي رئاسة الحكومة بدلا منه باعتبار النابلسي زعيم أكبر الأحزاب في البرلمان.

ووصف القاضي فهد أبو العثم شخصية صالح المعشر الوطنية ودوره في المجتمع ، وأشار إلى حبه للوطن والانتماء إليه وأخلاقه وحرصه على تماسك المجتمع وأياديه البيضاء وإغاثته للملهوفين والمحتاجين ، فالذين يعرفون صالح المعشر أو تعاملوا معه يؤكدون أنه رجل هادئ مثقف ودود تصدى لحل مشاكل وهموم أمته وقضاياها ولذلك فإن وجوده لعدة دورات في مجلس النواب يشير إلى حضوره السياسي ودوره في ميدان الرقابة والتشريع.

وزار المغفور له الملك الحسين بن طلال بيت عزائه ، بعد توفيه نيجة مرض أقعده الفراشوذلك يوم الأحد 26 ـ 8 ـ 1979 ، وقد وصفه الراحل الحسين بأنه كان رجلا عالي الهمة كثير التواضع ، طارحا التكلف ، فيما نعاه رئيس الوزراء واشاد برحلته الطويلة الحافلة بالعطاء والإنجازات في المجال الاقتصادي ، وعدد كبير من الناس لما عُرف عن صالح المعشر الكرم وعمل الخير ومازال الناس يثنون عليه وعلى فضائله وجميل خصائله.

صالح رفيفان المجالي ... أمين عام مجلس شيوخ العشائر

|0 التعليقات
صالح رفيفان المجالي
إن حياة بلا دور هي من دون شك حياة بلا معنى بالنسبة للأفراد وللشعوب حيث يعتمد سلامة الدور وقدرته على تأدية واجبه ورسالته بمدى إدراك هذا الوجود. لقد آمن صالح رفيفان المجالي بالأرض الأردنية فحدب عليها ، كيف لا وهو النموذج للمواطنة والانتماء فغدا صفحة من صفحات تاريخ هذا البلد المشرقة.

تنتمي عائلة المجالي إلى الصحابي الجليل تميم الداري حيث استوطن أحفاده مدينة الخليل وتولوا فيها جمع ما يسمونه "الودي" لإصلاح مقامات الأنبياء والرسل في تلك المنطقة ومساعدة الفقراء والمحتاجين فتوسعت مناطق نفوذهم بحيث شملت منطقة شرق الأردن وفي ذلك الحين انتدب أحد المشرفين على هذه الجباية ويدعى "شديد" ليتولى جمع "الودي" من قبائل شرقي الأردن وتتابعت سفراته إلى تلك المنطقة فلما أنس بهم وتعرف على طباعهم وعاداتهم طاب له المقام فاستوطن في مدينة الكرك وتزوج من امرأتين الأولى من عشيرة الشوابكة والثانية من عشيرة اليزايدة من سكان البلقاء فأنجب أربعة أولاد أكبرهم جلال جد عشيرة المجالي الذي ينحدر منها صالح رفيفان المجالي.

ولد صالح رفيفان المجالي في ريف الكرك عام م1910 وكانت ولادته في بيت من الشعر وقد كتب المرحوم صالح المجالي في مذكراته حول حدث ولادته فقال: كانت ولادتي في بيت من الشعر وأقول ذلك معتزاً لم تكن والدتي من عائلة أبي - المجالي - كانت من عشيرة أخرى - البطوش - وهناك شبه كبير بين طفولتي وطفولة ابن عمي المرحوم هزاع - رئيس وزراء الأردن الأسبق - ويعني بذلك أن القاسم المشترك بينهما خوؤلة كل منهما من غير عشيرة المجالي فوالدة أبي من البطوش ووالدة هزاع من عشيرة الونديين - من عشائر البلقاء.

عشتُ بين أخوالي أحد عشر عاماً تعلمت خلالها على أيدً خطيب (مدرس خاص يدرس القرآن الكريم والحساب) القراءة والكتابة وحفظ القرآن والحساب. في الواقع كانت حياتنا تختلف عن الحياة اليوم فالطفل لم يكن ينعم بوسائل الراحة التي ينعم بها طفل اليوم. بل كان يعيش طفولته وهو يعاني من الجوع والتعب والحياة الخشنة.

إنني أذكر جيداً أول يوم دراسي لي عندما حضر أحدهم وقال لي أنه رأى في القرية بعض أولاد العشيرة يجلسون وشيخ - خطيب - يدرسهم القرآن. وعندها شعرت بالغيرة وأحببت أن أخوض هذه التجربة وبالفعل هيأت نفسي في اليوم التالي باكراً وطلبت منه أن يأخذني للمدرسة وعندما وصلت إلى الخطيب اكتشفت أنه كان عليَّ أن أحمل طعاماً وجاعداً لأجلس عليه وقد احتفى بي الشيح وأعطاني لوحاً لأكتب عليه خمسة حروف من الأبجدية فربطت اللوح في رقبتي وعدت أدراجي فرحاً إلى بلدتنا - بيت الشعر - الذي يبعد عن المدرسة عشرة كيلو مترات مشياً على الأقدام ثم انتظمت بعدها في المدرسة. فأصبحت أمشي المسافة يومياً ذهاباً وإياباً.

ويتابع المرحوم صالح المجالي كما ورد في مذكراته التي تولى مهمة جمعها وتمحيصها نجله الأستاذ راتب صالح المجالي فيقول: عشت طفولتي الأولى في جو ريفي أقرب إلى البداوة مجتمع زراعي عشائري مليء بالمنافسات القبلية الكريمة المبنية على البطولات والكرم والصفح والتسامح وقد تعلمت في هذا المجتمع ركوب الخيل كما تعلمت أن القانون ليس هو كل شيء في هذه الحياة وأن للعرف والعادة والعلاقات الإنسانية أهمية كبرى في حل القضايا والمشكلات لا تقل عن القانون وخاصة في المجتمعات القبلية والعشائرية. طفولتي الأولى أيام هنيئة مازلت أحن إليها وأذكرها بكل فخر واعتزاز ، عدت إلى الكرك وأظن أن ذلك كان في نهاية عام م1920 حيث انتظمت في المدرسة الرسمية مدرسة الكرك فتطور شكل حياتي هنالك وأصبح أكثر سهولة ونعومة لكنني لم أنسَ القواعد التي درستها طيلة سبع سنوات على يد الخطيب فبرزت في القرآن والخط والحساب على جميع الطلاب وفي عام م1924 وبعد مجيء سمو الأمير عبد الله أمير شرقي الأردن صدرت إرادته بإلحاق عدد من أبناء وجهاء العشائر بمدرسة السلط للدراسة فيها دراسة ليلية وتم اختياري وأخي حابس وأربعة من أبناء الكرك بالالتحاق بهذه المدرسة التي استقطبت مدرسين لها من علماء عصرهم في شتى نواحي العمل من البلاد العربية المجاورة.

بعد أن أكمل المرحوم صالح رفيفان المجالي دراسته الثانوية في مدرسة السلط عام 1928 بقي أربعة أعوام دون عمل وبتاريخ 10 ـ 10 ـ 1932 تم تعيينه بوظيفة كاتب متصرفية الكرك وبقي في عمله مدة أحد عشر عاماً بعدها تم ترفيعه إلى وظيفة مدير ناحية في دير أبي سعيد. وبعد حوالي عامين ونصف تم ترفيعه إلى وظيفة قائمقام في مدينة الطفيلة ثم قائمقام في عجلون.

وهناك شهادة حق لابد من ذكرها وهي أن نشأة صالح المجالي كانت في بيت والده الشيخ رفيفان محمد المجالي شيخ من شيوخ مدينة الكرك وقد تحدث الأستاذ راتب المجالي قائلاً: "كان والدي صالح قريباً من قلب والده يسر إليه بما في نفسه وكان يميل إليه. لقد كان يعيش حركة ونشاطات والده وأعمامه من قرب وكان يتأثر ويؤثر بالأحداث الجارية من حوله ثم ينخرط بالوظيفة ويتدرج في هذا المجال نتيجة ثقة ورضاء رؤسائه عنه ، لقد عاش في مدرسة والده الشيخ رفيفان المجالي ، مدرسة الحياة الكبرى. ولقد انغمس صالح في هذه المدرسة إلى أذنيه وعاشها بكل محتوياتها ، تجول في ملاعبها. كانت مدرسة ريادية اغترف من مناهلها كل نافع وتزود من مجالسها بالمعرفة. يستمع إلى قصص بطولات أهله ويتغنى مع أقرانه من أبناء عشيرته أمجادهم وتهيأت له في هذه المدرسة كل أسباب التعلم والتدريب. انتقل صالح رفيفان المجالي خلال مسيرة عمله من وظيفة إلى أخرى ومن موقع إلى آخر وتتغير طبيعة عمله من حاكم إداري إلى مناصب وزارية وبرلمانية رفيعة الشأن يشارك في مؤتمرات واجتماعات على المستويات الدولية والعربية والأردنية ، ينخرط بالحياة العامة من أوسع الأبواب خرج إلى الحياة في ظل الدولة العثمانية وواكب تأسيس إمارة شرق الأردن وإعلان المملكة الأردنية الهاشمية ، عاش فترة الانتداب البريطاني في هذه البقعة من الأرض وحضر استبدال الانتداب بالمعاهدة البريطانية في هذه البقعة من الأرض وواكب استبدال الانتداب البريطاني بالمعاهدة البريطانية ، شاهد بزوغ شمس الاستقلال. كان في مركز المسؤولية أثناء إعلان الوحدة المقدسة بين الضفتين ثم عمل فترة من حياته الوظيفية في الضفة الغربية التي كون فيها صداقات حميمة وعلاقات وطيدة عاش انتصار الكرامة وشاهد أبناء شعب الأردن يطالبون بالاستقلال بأصوات عالية تشق عنان المساء. كما شاهدها وهي تنطلق في الشوارع تهلل للنصر عندما نالت الاستقلال وإلغاء المعاهدة.

عاش أيام الهزيمة ... وانكسار خاطر إخوانه في الضفة الجريح وهم يشاهدون الصهاينة يدنسون الأقصى ويقف حرس حدودهم على الجانب الغربي لنهر الأردن الخالد. صفق للجيوش العربية وهي تعبر النهر الخالد للتصدي لغطرسة الصهاينة وكان مركز عمله الخليل عندما كان الجيش العربي حوله وعلى بعد خطوات منه يزرع الشهداء على ثرى فلسطين المقدس ، وانكسرت نفسه وهو يشاهد الأنظمة تتدخل بكل الوسائل في شؤون أنظمة عربية شقيقة دونما سبب مبرر.

كان وزيراً حين وقع مع الوزراء اتفاقية التضامن العربي والتي تتضمن دعماً عربياً للأردن بدلاً من المعونة البريطانية وتفاجأ عندما أوقفت هذه الدول العربية هذا الدعم لقد شاهد بأم عينه نهوض المدارس والجامعات في بلده كان هذا الرجل يقرأ كتبه المدرسية على ضوء لوكسات في شوارع الكرك ولكنه شاهد بعد حين تغطية التيار الكهربائي لجميع أنحاء الأردن.

وبالعودة للتدرج الوظيفي في حياة المرحوم صالح المجالي تجده يتابع مسيرة كفاحه في خدمة وطنه وأمته عندما جاء حاكماً عسكرياً لمنطقة الخليل ومتصرفاً في كل من البلقاء وإربد ومعان ونابلس كما شغل منصب مساعد وكيل وزير المالية ومراقب للشركات في وزارة المالية. وقد شارك المرحوم المجالي في خمس وزارات ففي حكومة السيد سعيد المفتي الرابعة كان وزيراً للمواصلات ، وكذلك في حكومة السيد سليمان النابلسي. وقد جاء وزيراً للداخلية في حكومتي الشريف حسين بن ناصر الأولى والثانية. ونظراً لقدرته على شغل المناصب القيادية فقد عَمًلَ كأميناً عاماً لمجلس شيوخ العشائر برتبة وزير وكذلك مستشاراً لجلالة الملك في شؤون العشائر وعاداتها. وقد تم انتخاب المرحوم صالح المجالي ليمثل أبناء الكرك في البرلمان الأردني في ثلاث دورات انتخابية كانت في الأعوام 1956 ، 1961 ، م1963 وكذلك تم تعيينه عيناً في مجلس الأعيان الأردني ثلاث مرات بعد ذلك أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني.

عُرف عن المرحوم صالح إرفيفان المجالي العديد من الصفات والسمات التي كانت لصيقة بشخصيته والتي اكتسبها من مدرسة والده الشيخ إرفيفان المجالي وهذه الصفات لم تكن مكتسبة أو متعلمه ولكنها كانت كجزء من طبيعته البشرية. وقد أضاف الأستاذ راتب المجالي حول صفات والده فقال: عُرف والدي بالعديد من الصفات التي كانت دائماً تنعكس في جميع تصرفاته فتلحظها واضحة في تصرفاته منها التواضع وسعة الصدر والهدوء والصبر والمرونة حيث كان جميع أصدقائه ومعارفه يتفقون على أنها صفات أصيلة وطبيعية كان يمارسها دونما تصنع وفي جميع تصرفاته اليومية وقد تعرض صالح المجالي خلال حياته إلى الكثير من المواقف المفاجئة والمصاعب الشديدة والامتحانات الدقيقة والإحراجات والمشاكل والظروف السيئة ولكنه بفضل هذه الصفات تمكن من تطويق كل ما تعرض له وتغلب عليه ولقد أكسبته هذه الصفات سمعة جيدة وهيأت له صداقات كثيرة وكان محل تقدير الجميع له وكانت هذه الصفات سراً من أسرار نجاحاته الكبيرة في تأدية وظائفه والمهمات التي كلف بها ، وعُرف عنه أيضاً سرعته في تلبية حاجات الناس وخدمتهم والانتصار لقضاياهم فكان يستقبل المحتاج بكل بشاشة سواء في مركز عمله أو بيته وفي أي مكان وفي جميع الأوقات يستمع لهذا المحتاج ويعيش معه همه ويناقش معه حاجته فإذا كانت هذه الحاجة منطقية يهتم بها ويتابعها في كل المراكز وعلى مختلف المستويات. وهذا العمل التطوعي كان يأخذ منه كل اهتمام يأخذ من وقته مساحة كبيرة وخاصة بالنسبة له الذي تمكن من تكوين صداقات ومعارف كثيرة وذلك نتيجة لوظائفه المختلفة وتعدد مواقع عمله الشاملة بجميع أنحاء البلاد.

وعُرف أيضاً بحرصه الدائم على المشاركة الفعَالة لإحلال الوئام بين الناس والصلح بين العشائر فقد كان نادراً أن يخلو برنامج صالح اليومي وخاصة في السنوات الأخيرة من عمره وبعد إحالته على التقاعد من الوظيفة من المشاركة في جاهة أو عطوة لإجراء الصلح بين طرفين بينهما خلاف. أو حضور اجتماع لحل مشكلة معينة في منطقة معينة بالإضافة إلى حرصه على احترام مشاعر الناس ومراعاته لعواطفهم وأحاسيسهم ويحرص على مجاملاتهم في جميع المناسبات فقد كان لا يترك أي مناسبة إلا ويشارك بها. بالإضافة لذلك فقد كان صالح المجالي على معرفة بالعشائر وأفخاذها وأنسابها وتقاليدها ملماً إلماماً واسعاً بتشكيلات سكان الأردن ويعد مرجعاً من مراجع القضاء العشائري فهو ابن لعشيرة أردنية لها مكانة بين عشائر الأردن حيث أن طبيعة عمله كحاكماً إدارياً جعلت تماسه شديداً بالقضايا العشائرية وكذلك تنقله في أنحاء البلاد المختلفة مكنته أيضاً من الإطلاع على مختلفة هذه العادات.

ومن السمات الفاضلة في شخصية صالح المجالي طاعته لوالديه واحترامهما ووفائه لذكراهما فقد كان يعتبر رغبة كل واحد منهما أمراً عليه تنفيذه والانصياع له أثناء حياتهما وبقيت توجيهاتهما له منهاج عمل له في حياته وبعد وفاتهما كان باراً بوالده مطيعاً له ومحترماً ومقدراً.

لقد عاش صالح رفيفان المجالي حياة مليئة بالعمل الجاد المخلص لخدمة قضايا وطنه وأمته وعند رحيله هبت رجالات الأردن العظام سعياً لذكر مناقبه وصفاته فقد قال فيه المرحوم أحمد الطراونة: إن كرم معدن صالح رفيفان المجالي وعلو جاهه أوصله إلى أعلى المراكز في القطاعين العام والخاص كان جم التواضع من غير ضعف قوي الشخصية من غير عنف وابتسامته التي لا تفارقه حتى في أحلك الظروف كانت تدل على صفاء سريرته وطيب معدنه ونقائه وحبه للخير وبعده عن الأذى واستعداده لبذل جهده للعمل المثمر كان يتمشى مع تطور الزمن ورقي الحياة. كان أبو راتب يدعو إلى وحدة الصف في المملكة الأردنية الهاشمية دون تفريق أو تمييز بأسلوب عقلاني موضوعي مدروس ويدعو إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه الصعوبات والتحديات لخدمة قضايانا المصيرية وخدمة الشعب بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله وكان يعمل جاهداً لتحقيق هذا الهدف في إطار من التفاهم والمحبة والفهم.

وتحدث الأستاذ حازم نسيبه واصفاً شخصية المرحوم صالح المجالي قائلاً: "إن صالح المجالي كان مثلاً متألقاً من ذلك الرعيل الأشم من أولي الفضيلة ومكارم الأخلاق ومآثره على امتداد أكثر من أربعة عقود من الخدمة العامة في مختلف أصعدتها ومستوياتها وحجم إنجازاتها أكثر من أن تعد أو تحصى فذلك هو الفارس العربي المقدام الذي أحب القدس وامتلكت نفسه كل ما تمثله رسالتها ومقدساتها وإنسانها وحجارتها فجاهد في الذود عنها حق جهاده فبادله أهلها المحبة بأكثر منها".

وقال عبد الرزاق النسور في شخصية أبي راتب قائلاً: "قضى أبو راتب بنفس الطريقة التي عاشها رجل موقف رجل مبدأ رجل قرار لا تردد في إيمانه بحقنا في النهوض والانتصار لا تردد في إيمانه بمستقبل الوطن. أما المؤرخ سليمان الموسى فقال فيه: "امتاز المرحوم صالح المجالي بلين الجانب ودماثة الخلق والتواضع كما امتاز بعلو النفس وكبرياء الذات فلم أسمعه يطعن آخر أو ينتقص من قدر أحد كما كن يلتمس العذر للآخرين ويعرف أن في كل إنسان ناحية من نواحي الضعف كان رجلاً عالي الجناب تتمثل فيه السجايا العربية الأصيلة".

لقد أعطى المرحوم صالح رفيفان المجالي عطاء الأردني الصادق الوفي المخلص لمليكه ووطنه طوال حياته عطاءً سخياً جلياً رحم الله أبو راتب وأسكنه فسيح جناته.

صلاح أبو زيد .. أول صوت إذاعي قال : هنا عمان

|0 التعليقات
صلاح أبو زيد
يُعد الحديث عن شخصية الإعلامي المتمرس والأديب والسياسي المحنك صلاح أبو زيد حديثاً عن شخصية وطنية اقترن اسمه بنشأة الإذاعة الأردنية وتطويرها. ارتبط بعلاقة طيبة مع جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وذلك خلال عمله سكرتيراً صحفياً ومستشاراً خاصاً لجلالة الملك. هو أول شخص يشغل منصبَ وزيرْ للإعلام في الدولة الأردنية. فالأرض الأردنية تنجب العباقرة والمبدعين على الصعيد المحلي والعربي والدولي وهم من نحتاجهم دائماً لتتويج مسيرتنا المضيئة فهؤلاء قدوتنا وامتدادنا في الماضي القريب.

ولد صلاح أبو زيد في مدينة إربد عام م1924 ، تلقى تعليمه الأساسي في مدارسها وقد قرأ في الأدب والتاريخ الشيء الكثير ثم انتقل إلى مدرسة السلط وقد تلقى تعليمه على يد أساتذة عظماء تركوا بصمات واضحة خلال مسيرة حياتهم وهم حسني فريز وجميل سماوي والبرقاوي وعلي روحي وصبحي حجاب ، وبعد أن أكمل دراسته في مدرسة السلط عام م1942 ، عَمًلَ موظفاً في دائرة "البوسطة" في إربد بالدرجة العاشرة ثم معلماً في مدرسة إربد الثانوية لمدة سنة واحدة بعد ذلك قدم استقالته والتحق بكلية الحقوق في الجامعة السورية بدمشق وقبل أن ينهي دراسته الجامعية بعام واحدْ عاد إلى إربد ليعمل في بنك الأمة العربية حتى عام 1949 ومن الجدير بالذكر أن صلاح أبو زيد ساهم مع مجموعة من الشباب المبدعين بتأسيس النادي العربي في إربد وهو نادْ يُعنى بشؤون الثقافة والرياضة والفن.

انتقل بعد ذلك للعمل في دائرة الإحصاءات العامة وقد تم اختياره مع الأستاذ هاني غنما والأستاذ غالب الصناع للذهاب إلى كندا لدراسة الإحصاء ثم إلى أميركا في أول بعثة تمنحها الأمم المتحدة للأردن ، وبعد عودته تم نقله للعمل في مجلس الإعمار ، عَمًل أبو عماد في دائرة المطبوعات والنشر وحول ذلك جاء قوله في كتاب - بعيداً عن السياسة - "في هذه المحطة وقع التحول الأكبر في حياتي واتخذ قطار العمر مساراً جديداً لم يكن - وقتها - متاحا للكثيرين ، كان ذلك يوم العدوان الثلاثي على مصر 31 أكتوبر م1956 وجاء جلالة الملك الحسين إلى دار الرئاسة ليطلب إلى الحكومة نجدة مصر بالدخول إلى الحرب إلى جانبها على الفور وتشرفُت بلقاء جلالته لأول مرة في مكتب رئيس الوزراء ... ومن يومها شعرت بأنني ارتبطت بجلالته إلى الأبد ، كل المحطات التالية في حياتي كانت فروعاً لهذه المحطة الكبرى باستثناء محطة دخولي "سجن المحطة" فقد كانت من صنع الحاقدين الذين لم يعد أمرهم خافياً عن الناس".

في عام م1957 عاد إلى أميركا لدراسة علم الاتصالات في جامعة "سيراكيوز" وفور عودته تم تعيينه مديراً لإذاعة عمان عام م1959 وعبر أثير الإذاعة الأردنية عرض الأغنية الأردنية وقدم الفلكلور الأردني عندما اكتشف العناصر الأساسية للأصالة الأردنية أمثال رشيد زيد الكيلاني وعبده موسى وإسحاق المشيني واستقطب أصواتا عربية غنت الفلكلور الأردني الأصيل.

وقد ساهم صلاح أبو زيد في تأسيس "مشرع الإذاعة الأردنية الكبرى" والتي قام جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال بافتتاحها في الأول في آذار م1959 وقد أقيم احتفال كبير بهذه المناسبة شارك فيه كبار الفنانين اللبنانيين أمثال الأخوين رحباني.

بدأت الإذاعة إرسالها باسم (هنا عمان) إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية في 1 ـ 3 ـ 1959 بصوت صلاح أبو زيد من موقع الاستوديوهات الحالية في منطقة أم الحيران ، ومحطة إرسال عمان الواقعة على طريق عمان - ناعور ومنذ ذلك الحين أخذت الإذاعة الأردنية تتطور وتتسع إمكاناتها لكي تتناسب وهدفها الرئيس ممثلاً بإيصال صوت الأردن واضحاً وقوياً إلى جميع أنحاء العالم. وتقدم الإذاعة برامج سياسية وثقافية ودينية ورياضية باللغتين العربية والإنجليزية وتتوجه الإذاعة في برامجها إلى المواطنين في الأردن وخارجه والهدف من توجيه هذه البرامج الإذاعية للعالم العربي وأوروبا هو نقل الرسالة الأردنية إلى الخارج ، والمساهمة في الثقافة الإنسانية والتبادل الثقافي.

حمل أثير الإذاعة الأردنية الكبرى أحلام المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وآماله ببناء أردن مزدهر متقدم ، شكل هزاع المجالي ووصفي التل وصلاح أبو زيد ثلاثيا لا مثيل له في التفاني في العمل لإعلاء صرح الإذاعة الأردنية فوصفي التل كان رجلَ دولة من طراز رفيع مميز ، رجلاً واسع الأفق ، بعيد النظر ، متعدد الآفاق والجوانب والاهتمامات والأهداف كانت أحلامه واهتماماته سياسية بقدر ما كانت عسكرية ، اقتصادية ، بقدر ما كانت إدارية ونهضوية وإصلاحية ، قومية ووطنية بقدر ما كانت إنسانية تهتم بأوضاع أبسط مواطن ومعيشته ورفاهيته فوصفي سيبقى جزءاً في ضمير الأردنيين. وهزاع المجالي هو رجل شجاع مولع بالحرية واسع الشعبية في سائر أنحاء المملكة جمع بين الأصالة والمعاصرة امتاز بصراحته دون تردد عاش وضاح الوجه والسمات ، يعلن ما يبطن دون خشية أو مجاملة ظل مترفعاً عن الألاعيب والممارسات السياسية الصغيرة ، فهو رمز أردني منح روحه ووجوده وطموحه وشبابه إلى الوطن. وفي شباط عام 1964 تم اختيار صلاح أبو زيد ليستلم حقيبة وزارة الإعلام في حكومة سيادة الشريف حسين بن ناصر رحمه الله وبذلك فقد كان أول وزير للإعلام في الدولة الأردنية ، وقد تنقل في عدة وزارات بالإضافة لوزارة الإعلام فقد جرى تعيينه وزيراً للسياحة والآثار ووزيراً للثقافة حتى عام م1970 عُين في منصب المستشار الخاص لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وذلك من 21 ـ 3 ـ 1971 - 21 ـ 8 ـ م1972 بعد ذلك تم تعيينه وزيراً للخارجية وظل يشغل هذا المنصب حتى عام م1973 حيث أصبح عضواً في مجلس الاتحاد الوطني العربي في أيلول عام 1972 ثم عَمًل مستشاراً خاصاً لسمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.

لصلاح أبو زيد العديد من المؤلفات أهمها مسرحية "الضحية" والتي ألفها في عام النكبة 1948 قُدمت على مسرح سينما الزهراء في إربد ثم على مسرح سينما البترا في عمان وقد حضر افتتاح هذه المسرحية جلالة المغفور له الملك طلال طيب الله ثراه. وفي عام م1957 صدر كتابه الموسوم بـ "الحسين بن طلال" تحدث فيه عن مسيرة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه. ومما يجدر ذكره أن لصلاح أبو زيد العديد من المشاركات في الفعاليات الثقافية والرسمية فقد كان عضواً في رابطة الكتاب الأردنيين وهو يحمل العديد من الأوسمة التي تشكل أهمية بالنسبة له منها وسام النهضة من الدرجة الأولى الذي أنعم عليه به جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه عام م1973 ، ووسام الكوكب ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى بالإضافة إلى العديد من الأوسمة التي حصل عليها من عدة دول عربية وفي عام 1964 أهداه الرئيس ديجول وساماً رفيعاً وكذلك فعلت ألمانيا وإيطاليا والفاتيكان.

آمن أبو عماد خلال مسيرة حياته المكللة بالنجاح بأن الرضا هو الطريق الوحيد إلى السعادة التي يسعى لها جميع الناس فتجده قد أحب بلا حدود فمحبة الناس جميعاً كانت رفيقاً له في كل منصب شغله. حمى الله الأردن سداً منيعاً عزيزاً لرجالات هذا الوطن وعريناً للهاشميين بقيادة جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وأعز ملكه.

صادق الشرع ... أصغر عسكري في جيوش العالم

|0 التعليقات
صادق الشرع
يعد الحديث عن شخصية اللواء صادق الشرع حديث عن أحد القادة العسكريين الذين كان لهم أثر بارز في الجيش العربي الذي شارك في معارك فلسطين ، فتجده قد تنقل في عدد من المواقع العسكرية ، كان أصغر عسكري في جيوش العالم يحمل رتبة لواء وعمره (35) عاماً ، شغل منصب أول وزير للتموين في الدولة الأردنية في حكومة السيد زيد الرفاعي عام م1974 ، وشارك في إبرام العديد من الاتفاقيات العسكرية بين الجيوش العربية.

أما عن نسب عائلة الشرع فقد ذكر السيد صالح الشرع في كتابه "مذكرات جندي" عام م1985 أن جد العشيرة الأول سلامة انتقل مع شقيقين له من الطائف في الحجاز إلى مصر قبل حوالي (400) عام وأقاموا في محافظة الشرقية واستوطن الشقيق عبد السلام في محافظة الشرقية لتتشكل من نسله عائلة تُعرف باسم عائلة "الأزهري" ثم ارتحل سلامة مع ابن شقيقه الآخر محمد إلى مجدل عسقلان في جنوب فلسطين ، واستوطنا فيها وتشكلت من أعقابهما عائلتان إحداهما تُسمى عائلة التنيَّر (التنيَّرة) والأخرى تسمى عائلة الحلاّق ولكن سلامة لم يطل به المقام في مجدل عقسلان فارتحل منها إلى قرية بديا في قضاء جمّاعين في منطقة نابلس ومن أعقابه تشكلت العشيرة التي تعرف باسم عشيرة سلامة ثم صارت تعرف باسم عائلة الشرع عندما أصبح الشيخ محمد صالح بن أحمد بن موسى بن سلامة بن موسى بن سلامة قاضياً للشرع بعد أن أتم دراسته في الأزهر الشريف وأكمل دراسة الحقوق في عاصمة الدولة العثمانية الأستانة (استانبول) وعينته الدولة العثمانية قاضياً للشرع في قضاء حوران الذي كان شمالي شرقي الأردن تابعاً له ، واستقر الشيخ محمد صالح الشرع في قرية حوَّارة القريبة من إربد ومن نسله تكوَّن فرع جديد من عشيرة سلامة ، ولكن هذا الفرع عُرف باسم عشيرة الشرع نسبة إلى عمل مؤسس الفرع الشيخ محمد صالح الشرع في مجال القضاء الشرعي.

ولد اللواء الركن صادق الشرع في بلدة حوارة عام م1923 لأسرة ريفية تعتمد كغيرها من سكان القرية على الزراعة لتأمين احتياجاتهم من المواد الغذائية وقد قال في إحدى مذكراته: "جئت إلى هذا العالم في أعقاب الدمار والحرب الضروس عام م1923 في قرية حوارة والتي أصبحت الآن متصلة مع مدينة إربد كان جدي المرحوم الشيخ محمد صالح يعمل قاضياً شرعياً في درعا واختار أن يسكن في حوارة وفيها ولد أبي وأنا وكل الذي اذكره في طفولتي مدرسة القرية المكونة من غرفتين فقط حيث لم تكن المدارس متوفرة في ذلك الوقت" ، تلقى صادق الشرع تعليمه الابتدائي في قرية حوارة ثم انتقل إلى مدرسة التجهيز في إربد وكان من أساتذته هناك عمر الشلبي وسعد النمري ولطفي عثمان وحسن أبو غنيمة وغيرهم ، وزامله في الدراسة عز الدين التل وصلاح أبو زيد ويوسف التل وقدري التل. بعد ذلك تابع دراسته في ثانوية السلط وقد تخرج منها عام 1939 حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية ، وقد ترك أساتذته (حسني فريز وحسن البرقاوي وجميل العيناوي وصبحي حجاب) أثراً كبيراً في تكوين شخصيته.

انتسب صادق الشرع للقوات المسلحة الأردنية برتبة مرشح عام م1942 وبعد انتهائه من التدريب العسكري انتقل إلى فلسطين وخاض معارك القدس عام م1948 بوظيفة ركن عمليات حربية وبعد انتهاء الحرب سافر صادق الشرع يرافقه على الحياري إلى بريطانيا ليدخلا دورة عسكرية متخصصة بكلية أركان حرب للجيش العربي في (كامبرلي) وقد تخرجا منها عام 1950م.

وفي عام م1952 تم تعيينه برتبة عقيد وقائد حرس وطني وأصبح مدير عمليات حربية في قيادة الجيش ، وفي مطلع عام م1958 وبعد قيام الاتحاد العربي الهاشمي مع العراق عُين نائباً للقائد العام للجيش الاتحادي الذي كان مقره بغداد ولكنه عاد إلى الأردن إثر قيام الحركة الانقلابية التي قام بها الجيش العراقي بقيادة "عبد الكريم قاسم" في تموز عام 1958م. وإعلان الجمهورية العراقية.

انتقل عام م1964 إلى دولة الكويت ليعمل هناك في القطاع الخاص ولكنه عاد إلى عمان بعد سبع سنوات وبصدد هذا الموضوع فقد تحدث اللواء صادق الشرع قائلاً: "بعد ذلك قررت أن أغادر الأردن وابدأ رحلة جديدة من محطات العمر ، ذهبت إلى الكويت وأمضيت فيها سبع سنوات وذات صباح في عام م1970 اتصل بي محمد نزال العرموطي وكان يومها سفيراً للأردن لدى الكويت وأخبرني بأن هناك برقية من الديوان الملكي الهاشمي تفيد بعودتي للأردن في أسرع وقت ، استلمت البرقية وغادرت الكويت عائداً للأردن بعد يومين من استلامي البرقية ، كان وصفي التل يومها رئيساً للوزراء قابلت وصفي وعرفت أنه يريدني لموقع مهم في الحكومة وقال لي سوف أذهب غداً إلى القاهرة وبعد عودتي سوف تكون في موقع مهم وغادر وصفي إلى القاهرة وعاد محمولاً على الأكف شهيداً ، ثم عُينت مديراً للجوازات العامة في أدق وأصعب الظروف التي كانت تحيط بالبلاد ، وبعد ذلك عُينت محافظاً لإربد" وبتاريخ 21 ـ 2 ـ 1974 اختاره دولة السيد زيد الرفاعي ليكون أول وزير للتموين وبالفعل فقد أسس وزارة التموين وفي 24 ـ 11 ـ من العام ذاته عُين وزير دولة للشؤون الخارجية استمر فيها حتى تقاعد عام م1976 مع استقالة حكومة الرفاعي وكأحد الجنود المرابطين في القدس كان شاهد عيان عند استشهاد الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين وحول هذه الحادثة. تحدث صادق الشرع للمؤلف تريز حداد صاحب كتاب "ذاكرة وطن" فقال: "كان من عادة الملك المؤسس أن يحضر إلى القدس في كثير من أيام الجمعة لأداء صلاة الجمعة في الحرم الشريف وفي ظهر يوم الخميس الموافق 19 تموز عام 1951 وصل الملك على متن طائرته الخاصة وبمعيته الأمير الحسين بن طلال وكبير المرافقين اللواء محمد علي العجلوني وآخرون.

وكنت في استقباله وبعد مراسم الاستقبال ذهب الملك إلى القصر بهذه الأثناء اتصل معي الفريق كلوب باشا هاتفياً وقال لي: "اسمعني جيداً عندنا معلومات تفيد بأن هناك مؤامرة لاغتيال الملك لذلك عليك بتشديد الحراسات في جميع الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها الملك".

وبالفعل أعطيت التعليمات لتعزيز الحراسات فوجدت قائد المنطقة العقيد راضي عناب ، ومتصرف القدس حسن الكتاب ومعهما العقيد حابس المجالي الذي كان قائداً للكتيبة الهاشمية. وبينما كنا نتكلم عن المعلومات التي وردت في المؤامرة اقترح العقيد راضي عناب أن نغير مكان دخول الملك إلى ساحة الحرم من مدخل الروضة إلى مدخل آخر لأنه أصبح معروفاً أن الملك يمر منه دوماً ، بعد قليل وصل الملك وصافحنا ثم اقتربت من جلالته ورافقته إلى المكان الذي يقف به عادة لأخذ التحية.

وقف الحرس خارج الباب واجتاز الملك الباب إلى الداخل حيث تقدم منه بعض الشيوخ وأخذوا يسلمون عليه وكنت تلك اللحظات أقف خلفه ، بهذه اللحظة خرج من خلف الباب من جهة اليمين شاب لا يتجاوز العشرين من عمره واقترب من الملك وكأنه يريد السلام عليه وفجأة أشهر مسدساً وأطلق منه رصاصة على رأس جلالته فأصابته في صدغه أما القاتل فقد حاول الهرب ثم أخذ يطلق باقي رصاصات المسدس باتجاهنا بدون تسديد حيث جرح العقيد راضي عناب يومها في كتفه كما جرح المقدم محمد السعدي في ساقه وظهر لي بعد ذلك بأن رصاصة قد انزلقت بعد أن أصابت الوسام الذي كان على صدر الأمير حسين بن طلال ولم تصبه بأذى".

كان الملك الشهيد عبد الله بن الحسين رحمه الله رجلاً عظيماً في مملكة صغيرة تضيق بآماله وأحلامه وطموحاته التي ظل يحملها ويناضل من أجلها طلية حياته ، والمتمثلة في وحدة المشرق العربي وحريته وتقدمه ، كان يستشرف المستقبل وما ستؤول إليه أحوال الأمة ، كان يسعى لخير الأمة وقضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. فالأردن صغير بمساحته ولكنه عظيم بقيادته الهاشمية وجيشه العربي الباسل وشعبه الذي عرف بالوفاء والولاء لوطنه وقيادته وأمته الواحدة.

لقد أمضى أبو زياد معظم سنين خدمته في الجيش العربي في فلسطين ومدنها وبقي حتى آخر أيام حياته يتذكر أيامه فيها وما جرى فيها من أحداث ووقائع دون أن ينسى يوماً واحداً حمل في طياته أحداثاً مفجعة ومؤلمة خلال سنوات حياته.

انتقل الباشا صادق الشرع إلى رحمته تعالى في العام الماضي عن عمر يناهز ستة وثمانين عاماً قضاها جندياً لم يبخل على وطنه ولا على الدول العربية المجاورة ودبلوماسياً محنكاً حرص على مراعاة أمور المواطنين وسد حاجاته خلال عمله وزيراً للتموين. رحم الله اللواء صادق الشرع وأسكنه فسيح جناته.