محمد الحسين العواملة .. من أنشط معارضي الإحتلال البريطاني لشرقي الأردن


يذكر الدكتور هاني صبحي العمد في كتابه»أحسن الربط في تراجم رجالات من السلط»أن الشيخ محمد الحسين يوسف أحمد الحمدان العواملة ولد في مدينة السلط في عام 1880 م وتوفي فيها في أواخر عام 1941 م، ونشأ في كنف والده الذي كان من أبرز رجالات السلط وشيوخها في العهد العثماني، وعلى عادة تلك المرحلة التحق الطفل محمد الحسين كأترابه من أبناء جيله بأحد الكتاتيب في السلط لتعلم قراءة القرآن الكريم ومبادىء القراءة والكتابة والحساب، وأتقن في سن مبكرة فنون الفروسية ومارس هواية الصيد .

وكان محمد الحسين من الجيل الذي تفتح وعيه على المظالم التي كان قومه العرب يتجرَّعونها من الفريق جمال باشا السفاح الذي كان ينفذ سياسة حكومة حزب الإتحاد والترقـِّـي التي سيطرت على دولة الخلافة العثمانية في أواخر سنواتها، وكانت غالبية قيادة الحزب من يهود الدونمة ومن الماسونيين، وكان متطرفا في تبني القومية التركيثة الطورانية، ولم تكتف حكومة حزب الإتحاد والترقـِّـي بما كانت توقعه بالعرب من مظالم وتجهيل بل عمدت إلى محاولة إجبارهم قسرا على الإنسلاخ من هويتهم العربية لحساب الهوية القومية التركية الطورانية»سياسة التتريك» .

وكأترابه من أبناء جيله نشط محمد الحسين العواملة في الجناح الشبابي للحركة الوطنية العربية للتصدِّي لمظالم الإتحاديين، وكان الشيخ واحدا من المئات من رجالات وشباب العرب الذين حكم عليهم جمال باشا السفاح بالإعدام، وبعد خروج الأتراك من بلاد الشام وجد محمد الحسين العواملة وأبناء جيله أنفسهم أمام نكبة جديدة تجلت في نكث الإنجليز والفرنسيين لوعودهم وعهودهم التي قطعوها للشريف الحسين بن علي بمساعدة العرب على تأسيس دولة عربية توحد الأقطار العربية إذا حاربوا إلى جانبهم ضد الدولة العثمانية، وفرضوا سيطرتهم بالقوة العسكرية على البلاد العربية، فانخرط محمد الحسين في نشاطات الحركة الوطنية الأردنية التي أخذت على عاتقها التصدِّي للإحتلال البريطاني ولمخططات اليهود لإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين بدعم من الإنجليز تنفيذا لوعد الحكومة البريطانية لليهود من خلال رسالة بعث بها وزير خارجيتها اللورد المتصهين بلفور إلى زعيم اليهود في بريطانيا اللورد روتشلد، وبعد نجاح المحتلين الفرنسيين بتواطؤ مع حلفائهم الإنجليز في إسقاط الحكومة العربية الفيصلية في دمشق التي كانت مناطق شرقي الأردن تابعة لها حاول المحتلون الإنجليز فرض سيطرتهم إداريا على مناطق شرقي الأردن فتصدَّى أهالي شرق الأردن للخديعة الإنجليزية فشكـَّـلوا عدة حكومات محلية كان من بينها حكومة السلط المحلية لتتولى رعاية شؤون منطقة السلط التي كانت تضم إدارياً السلط وعمان ومادبا، وأطلق أهالي البلقاء على حكومتهم إسم»حكومة البلقاء العربية»ترجمة لمشاعرهم العروبية والوحدوية .

وكان الشيخ محمد باشا الحسين اليوسف الأحمد الحمدان العواملة أحد ممثلي السلط في مجلس الشورى الذي انتخبه الأهالي لتسيير أمور الحكومة المحلية، وبعد تأسيس الإمارة الأردنية بزعامة الأمير المؤسِّـس عبد الله الأول بن الحسين إختار الأمير المؤسِّـس الشيخ محمد الحسين العواملة عضوا في اللجنة الأهلية لوضع قانون للمجلس النيابي التي شكلها في عام 1923، وكان عضوا في مجلس بلدية السلط لعدة دورات، وشارك في تأسيس حزب الشعب الأردني الذي تأسَّـس بزعامة الشيخ عبد المهدي الشمايلة في عام 1927 م، وعلى صعيد التصدِّي للمحتلين الإنجليز كان محمد الحسين العواملة من منظمي المظاهرات الصاخبة ضد المحتلين الفرنسيين والإنجليز التي شهدتها السلط ومختلف المدن الأردنية في 8 / 3 / 1928 م بمناسبة ذكرى تأسيس الحكومة العربية بزعامة الملك فيصل بن الحسين في دمشق التي أجهضها المحتلون الفرنسيون بتواطؤ مع المحتلين، وكان محمد الحسين العواملة من بين أعضاء وفد عشائر السلط الذي قابل الأمير المؤسِّـس عبد الله بن الحسين بعد ان أضربت المدينة ثلاثة ايام متواصلة وضمَّ الوفد أكثر من «30» زعيما كان منهم محمد الحسين العواملة وسعيد الصليبي الفاعوري وسرور الحاج القطيشات وفوزي النابلسي ونمر الحمود العربيات وطاهر أبوالسمن الحياصات وعبد الله الداود الجزازي وفلاح الحمد الخريسات،وتحدث الشيخ محمد الحسين العواملة نيابة عن الوفدمخاطبا الأمير:»ياصاحب السموفوجئنا بالمعاهدة»الأردنية ـ البريطانية»ونحن اهالي البلاد الذين يحق لهم وحدهم تقرير مصيرهم وبما ان المعاهدة تقضي بان تكون بلادنا مستعبدة لانكلترا وهي بمثابة اعنة وضعت في رقابنا يقتادنا بها الإنكليز إلى حيث يشاؤون فاننا نرفضها» .

وطالب محمد الحسين باسم أهالي السلط باخذ رأي الأمة قبل التصديق على المعاهدة مشددا على ان مقاطعة البلقاء حضرها وباديتها ترفض هذه المعاهدة، وعلى ذات الصعيد شارك محمد الحسين العواملة مع وفد من شيوخ السلط ورجالاتها في المؤتمر الوطني الأول الذي شارك فيه شيوخ ورجالات الأردن من مختلف المناطق في 25/7/1928 م في مقهى حمدان الشهير في عاصمة الإمارة الأردنية عمان، وصاغوا فيه ميثاقاً وطنيا ً التقت عليه كل أطياف المجتمع الأردني في تلك الحقبة، ويعكس ما كان يتمتع به أجدادنا وآباؤنا الأفذاذ من رجالات الرعيل الأول من وعي سياسي وقانوني وإداري واقتصادي، إلى جانب ما كانوا يتمتعون به من روح وطنية ومشاعر عروبية ووحدوية،»يمكن مطالعة النص الكامل لمقررات المؤتمر وأسماء أعضاء الوفود للمؤتمر في الكتاب الوثائقي»تاريخ الأردن في القرن العشرين»لمؤلفيه الأستاذين منيب الماضي وسليمان الموسى»، وكان الشيخ محمد الحسين العواملة أحد ةممثلي البلقاء في اللجنة التنفيذبة لمتابعة قرارات المؤتمر والسهر على تنفيذها.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).