‏إظهار الرسائل ذات التسميات 1938. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات 1938. إظهار كافة الرسائل

الشيخ حمادة سعود الفواز السردي

|0 التعليقات
حمادة الفواز

يعد الشيخ حمادة سعود الفواز، من الرجال القلائل الذين يذكرون عند الشدائد، وتبقى الألسن تلهج بذكرهم الطيب، فيخلدون في الذاكرة الوطنية، وفي الإرث الشعبي، وتنمو أفعالهم الخيرة كالصدقة الجارية، لا ينقطع أثرها أبد الدهر، فهو من بيئة الفرسان، المتصفين بأخلاق النبل والشجاعة والإيثار، ويعد من سلالة البدو الأصلاء، الذين لونوا البادية الأردنية بألوان العز، وكان لهم دور فاعل في تاريخ المنطقة، فلم يمنعهم حراكهم وتنقلهم نظراً لطبيعة حياتهم، من الذود عن مضاربهم، وحماية وطنهم من كل سوء.

  لقد أنجبت القبائل والعشائر الأردنية، على مدى تاريخها الطويل، رجالاً كباراً تركوا بصمات إنجازاتهم، على مراحل تاريخية مهمة، وكانوا فرسان مفاصل وأحداث جسام، تعرضت لها الأمة في هذه المنطقة، ولا شك أن الشيخ الفواز أنموذج رائع، يمثل هذا الواقع الماثل حتى اليوم.

ينتمي الشيخ حمادة الفواز إلى عشيرة السردية الأردنية، التي تمتد مضاربها على مساحة واسعة من البادية الشمالية الشرقية، وتتوزع على خمس قرى هي: صبحا، وصبحية، وسبع، وصير، والحرارة والزملة. تعد عشيرة السردية وعشيرة الصقر فرعان من قبيلة المفارجة، التي تعود إلى آل جليدان من مغيرة، من بني لام من طيء القحطانية، لعب رجال عشيرة السردية دوراً بارزاً في معارك الثورة العربية الكبرى، وقد تحركت مجموعة من فرسان العشيرة إلى العقبة وإلى منطقة الأزرق، حيث قابلوا قادة الثورة من الأشراف الهاشميين، وأوكلت لهم مهمة تفجير أجزاء من خط سكة حديد الحجاز، بالإضافة لدورهم بالمساهمة بجهود بناء الدولة الأردنية الحديثة، والمشاركة في ثورة حوران وجبل العرب ضد الفرنسيين.

ولد الشيخ حمادة الفواز، في قرية صبحا في محافظة المفرق، وكانت ولادته عام 1938، وكان والده سعود الفواز شيخ مشايخ عشيرة السردية، وكان شيخاً وقاضياً عشائرياً ذاع صيته داخل الأردن وخارجه، وكانت له مكانة كبيرة بين شيوخ ووجهاء بلاد الشام، وقد نشأ حمادة الفواز في كنف والده، وتعلم منه ما لم يتعلمه من مصادر المعرفة المعروفة، فقد نهل من ديوان والده في « الشق «  في بيت الشَعر، وهو المكان المخصص لاجتماع الرجال من العشيرة والضيوف، وطلاب الحق وأصحاب الحاجة، فتعلم الحكمة والحلم، وكيفية حل المشاكل والقيام على خدمة الناس، وتعلم أساسيات القضاء العشائري، الذي يعد تراثاً عشائرياً حياً، ما زال ينهض بمسؤوليات كبيرة، ويحسم الخلاف في قضايا بالغة التعقيد، والذي يقوم مقام مؤسسة القضاء المدني، وللقضاة العشائريين مكانة مرموقة في المجتمع ولدى مؤسسات الدولة.

درس الفواز في الكتّاب، حيث تلقى بعض المعارف الأساسية، غير أنه تمكن من الالتحاق بالمدرسة، ولم يكن ذلك بالسهل اليسير، لقلة المدارس في تلك الفترة، رغم المصاعب التي أحاطت به في سبيل الدراسة، إلا أنه تمكن من الدراسة حتى الصف الأول الثانوي، حيث دخل بعدها جامعة الحياة، التي أكسبته معارف وخبرات واسعة، يصعب الحصول عليها من الجامعات الأكاديمية، وقد واجه في طفولته وشبابه قسوة حياة البادية، فاتسم بصفات الرجولة والفروسية منذ نعومة أظفاره، وقد مهدت له هذه التربية، ليكون مستعداً للمهام الكبيرة التي ستلقى على كاهله، فقد توفي والده الشيخ سعود الفواز عام 1965، الذي كان عضواً في مجلس الشعب السوري خلال الفترة من عام 1946 وحتى عام 1949، فتسلم حمادة مشيخة العشيرة خلفاً لوالده، وهي في سن الثامنة والعشرين من عمره، ولم تكن هذه بالمهمة السهلة، لكنه كان قد أعد العدة لها منذ طفلته، وقد تميز كزعيم عشائري، بالشجاعة وقوة الشخصية وبالذكاء الحاد، كما عرف بجنوحه للعفو والصفح والرحمة، وإفشاء المحبة بين الناس.

كان الشيخ حمادة الفواز، من رجال الصلح وحقن الدماء، ومن الذين بذلوا صادق جهودهم من أجل صون الأعراض، وحفظ الحقوق، والدفاع عن الوطن الغالي، فكان إصلاح ذات البين شغله الشاغل، حيث قصده طلاب الحق في القضاء العشائري، من أبناء العشائر من داخل الأردن وخارجه، فقد تميز بتحريه العدل، والحكم بالحق، وإحلال الصلح مكان النزاع والصدام، فكانت أحكامه تقابل بصدر رحب، ويخرج راضياً صاحب الحق والمحقوق، وكانت مؤسسات الحكم المحلي، تحيل إليه القضايا الشائكة والمعقدة، فيعمل على البت فيها، بكفاءة مشهودة، ومقدرة تثير الإعجاب، مما جعله محط الثقة ومعقد الأمل، لدى الحكومة والناس، وعمل على خدمة المجتمع المحلي، فبذل جهوداً مع وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، من أجل الارتقاء بالخدمات العامة للبادية الشمالية، كتوفير المراكز الصحية، وزيادة عدد المدارس للذكور الإناث، بالإضافة إلى جهوده في شق الطرق، وتوطين البدو، ودعم مربي الإبل والمواشي، وتحويل جزء كبير من أراضي البادية، إلى أراضٍ زراعية، من خلال حفر الآبار الارتوازية. 

ونظراً لحضوره القوي والفاعل، على ساحة المجتمع المحلي، وعلى الساحة السياسية، فقد تم انتخابه عام 1970، عضواً في مجلس الإتحاد الوطني، في فترة شديدة التعقيد من عمر الدولة الأردنية، وكان له دور في توحيد الصف الوطني، وتمتين الجبهة الداخلية، رغم صغر سنه في تلك المرحلة، وعندما صدرت الإرادة الملكية السامية، بتشكيل أول مجلس لشيوخ العشائر الأردنية، وقع الاختيار على الشيخ حمادة الفواز، ليكون أحد أعضاء هذا المجلس الخمسة عشر، وعمل هذا المجلس على خدمة أبناء العشائر، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، وتشجيع شبابها على التعليم العالي، ليسهموا في التنمية الشاملة للوطن، وقد منح هذا المجلس مكانة خاصة للعشائر، التي أعدت رافعة حقيقية في بناء الدولة، وعماد القوات المسلحة الأردنية، التي حفظت الأردن من الاعتداءات والمؤامرات.

أصبح الشيخ حمادة الفواز، عضواً في مجلس الأعيان الأردني، بعد صدور الإرادة الملكية، بذلك في الأول من كانون الأول عام 1974، ليكون أصغر أعضاء مجلس الأعيان منذ تأسيسه، حتى أنه كان أصغر من العمر القانوني، الذي نص على أن لا يقل عضو مجلس الأعيان عن أربعين سنة قمرية، وكان حينها في عمر السابعة والثلاثين، وفي هذا المجلس كشف عن وعي كبير، وقدرة واضحة في إنجاز مهامه، الناتجة عن فهمه العميق لعمل مجلس الأعيان إلى جانب مجلس النواب، في الرقابة والتشريع، وتطوير الأنظمة والقوانين، وبعد هذه المرحلة، تم تشكيل المجلس الوطني الاستشاري، حيث أصبح عضواً في هذا المجلس عن بدو الشمال، خلال دورتين متتاليتين، وذلك بين عامي 1978 و1982، وقد وظف في هذا المجلس خبراته الواسعة، في مجلسي الأعيان ومجلس الإتحاد الوطني، بالإضافة لخبراته العشائرية والإدارية، فكان من الأعضاء الناشطين، على صعيد العمل داخل المجلس، وفي لجانه المختلفة، وفاعلاً على الصعيد الوطني والاجتماعي، ودائم التحرك في منطقته وبين أهله.

شارك الشيخ حمادة الفواز في وفود برلمانية، إلى عدة دول كالإتحاد السوفيتي – سابقاً – والجمهورية العربية السورية، وقد شارك في المملكة المغربية بالمسيرة الخضراء، وهي مسيرة من أجل السلام في الصحراء المغربية، وقد تعرضت المسيرة إلى قصف من قبل الإسبان، من أجل وقفها، وقد تراجعت بعض الوفود، لكنه واصل تقدمه، وكان موقفه هذا موضع تقدير ملك المغرب، وبعد عودته شكره جلالة المغفور له الحسين بن طلال، على موقفه الشجاع، ونتيجة لذلك كرمه العاهل المغربي، بمنحه وسام المسيرة الخضراء، وهو من أرفع الأوسمة في المغرب.

أرتبط الشيخ الفواز بعلاقة جيدة مع المغفور له الحسين بن طلال، فقد قبل دعوته لزيارته في مضارب السردية، وقد أمضى جلالته يوماً بينهم مطلعاً على أحوالهم وقضاياهم. وفي الحادي والعشرين من شهر أيار عام 1995، قام جلالة المغفور الحسين بن طلال، بزيارة مفاجئة لمنزل الشيخ حمادة الفواز في قرية صبحا، حيث أمضى فترة من الوقت اطلع خلالها على أوضاع العشيرة، وحاجات المنطقة، وكان الشيخ الفواز على علاقة وطيدة مع أصحاب السمو الأمراء والأميرات، الذين زاروا المنطقة أكثر من مرة، خاصة صاحب السمو الأمير الحسن، وصاحبة السمو الأميرة بسمة. توفي الشيخ حمادة الفواز يوم الأحد، في الخامس عشر من شهر آب عام 1995، وشيع جثمانه رجال الدولة، والشيوخ والوجهاء وأبناء الوطن، وقد قام جلالة المغفور له الحسين بن طلال، بزيارة بيت العزاء، وقال جلالته مخاطباً أبناء عشائر السردية: لقد فقدت أخاً وصديقاً ورجل دولة. 

الأستاذ الجليل صالح الدرادكة

|0 التعليقات
الأستاذ صالح درادكة

يعد الحديث عن شخصية الدكتور صالح درادكة حديثا عن واحد من أهم رجالات الأردن الممتد تاريخهم والمشهود لهم بإنجازاتهم العظيمة ، حيث تكبر الأمة بأولي العلم وبأرباب الفكر فالأرض الأردنية ولاّدة لرجالات عرَّفوا العالم بأن هذه الأمة العربية هي أمة عظيمة في رسالتها وثقافتها ، رجالات كانوا دوماً على العهد ، فأوفوا بعهد الوفاء ونذروا كل ما يملكون من الغالي والنفيس قرباناً ليزيدوا من خلاله حبهم لوطنهم عن طريق بعث النهضة العلمية الحديثة والعمل على إرساء قواعد التقدم والتطور والسير بالأجيال إلى الأمام فهو بحق أستاذ جليل صاحب عقل مستنير وعمل ونتاج غزير حرص على أن يقدم لطلابه كل ما لديه من مخزونه العقلي والمعرفي. 

ولد الدكتور صالح درادكة في قرية زوبيا الواقعة شمال الأردن عام (1938). والتحق بكتّاب القرية في سن مبكرة ثم عَمًد والدُه إلى إرساله إلى مدرسة دير أبي سعيد لمواصلة تعليمه ، وفي هذه المدرسة درس عامين فقط نظراً لقيام معظم أبناء القرية بترك الدراسة فما كان من والده إلا أن قام بنقله إلى مدرسة العروبة الواقعة على سفح التل الجنوبي في اربد ثم عاد إلى مدرسة دير أبي سعيد وتقدم لامتحان المترك وذلك في نهاية الصف السابع ، درس الأول والثاني والثانوي في مدرسة الرمثا ثم انتقل إلى مدرسة اربد الثانوية معلماً في إحدى المدارس الإعدادية. 

ثم التحق بجامعة دمشق عام (1962) ليكمل دراسته في قسم التاريخ وليتخرج عام (1966) حاصلاً على شهادة البكالوريوس ثم التحق بجامعة الأزهر بالقاهرة لدراسة الماجستير وقد تخرج من جامعة الأزهر عام (1972) حاصلاً على تقدير جيد جداً بعدها التحق ببرنامج الدكتوراه تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الفتاح شحاته وقد قدم أطروحته والتي تحمل عنوان "العلاقات العربية اليهودية حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين" وذلك عام (1977) وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية بمرتبة الشرف الأولى ثم جرى تعيين الدكتور صالح درادكة في جامعة مراكش لتدريس الحضارة العربية الإسلامية وذلك في العام الدراسي 1978 - ,1979 ونظراً للمستوى العلمي والأكاديمي الذي يتحلى به الدكتور الدرادكة فقد تم تعيينه في قسم التاريخ في الجامعة الأردنية. وقد بدأ عمله في الجامعة الأردنية في 3 ـ 10 ـ 1978 كمحاضر. 

وللأستاذ الدكتور صالح درادكة العديد من الأنشطة بالإضافة إلى عمله الأكاديمي فقد كان رئيساً لقسم التاريخ في الفترة ما بين 1990 - 1995 واختير مشرفاً عاماً على لجان تأليف كتب التربية الوطنية والاجتماعية للمرحلة الأساسية لوزارة التربية والتعليم الأردنية للعام 1992 ـ 1993 وذلك بتكليف من الجامعة الأردنية واختير أيضاً عضواً في الوفد الأردني للمؤتمر العام لليونسكو في دورته السابعة والعشرين وممثلاً للوفد في اللجنة الثقافية ، كما شغل أيضاً نائباً لرئيس جامعة جرش الخاصة من 1995 - 1996 وعمل رئيساً لتحرير مجلة جرش للبحوث والدراسات من 1995 - 1998 وأيضاً مستشاراً لمناهج التاريخ لدى سلطنة عُمان من 1998 - 2001 ونائباً لعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا للعام الجامعي 2001 - 2002 . 

ورئيساً لقسم التاريخ من 2003 - 2004 ، كما جاء أستاذاً زائراً في قسم التاريخ ـ جامعة اليرموك (إجازة تفرغ علمي) من 2004 - 2005 . 

وللدكتور الدرادكة العديد من المؤلفات منها بحوث في تاريخ العرب قبل الإسلام ، الإنسان في القرآن ، العلاقات العربية اليهودية حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين ، طرف الحج الشامي في العصور الإسلامية ، فتوح الشام للواقدي - جمع وتحقيق ودراسة. وهناك أيضاً العديد من المؤلفات التي شارك في تأليفها منها المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية ، وكتاب السمات الإنسانية في الحضارة العربية الإسلامية ، أعمال الندوة العلمية الثقافية لأعمال المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ، بحوث ودراسات مهداة إلى عبد الكريم غرايبة ، بلاد الشام في العصر العباسي ، كتب التربية الوطنية والاجتماعية لوزارة التربية والتعليم العمانية من الصف الثاني وحتى السادس وغيرها الكثير من المؤلفات. بالإضافة إلى العديد من البحوث المنشورة منها الديمقراطية والدستورية في الإسلام ، لمحات من تاريخ أيلة (العقبة) في العصر الإسلامي ، الحرب عند القبائل العربية قبل الإسلام ، سكة حديد الحجاز ، البريد وطرق المواصلات في بلاد الشام في العصر العباسي بالإضافة إلى العديد العديد من البحوث المنشورة وقد أشرف الأستاذ الدكتور صالح درادكة على خمسة عشرة رسالة دكتوراه وأشرف على اثنين وعشرين رسالة ماجستير ولا يفوتنا أن نتطرق إلى ذكر بعض الندوات والمؤتمرات التي شارك فيها الأستاذ الجليل صالح درادكة ومنها: مؤتمر تاريخ العرب العسكري ، المؤتمر الدولي لتاريخ بلاد الشام ، الندوة العالمية لمالية الدولة في صدر الإسلام ، الندوة العالمية الخامسة للسمات الإنسانية في الحضارة الإسلامية ، الندوة العالمية لشؤون القدس ، المؤتمر العالمي للدراسات المورسكية ، مؤتمر اتحاد الجامعات العربية المنعقد في الجزائر ، ندوة القدس بين الماضي والحاضر ، ندوة دمشق عبر التاريخ ، المؤتمر الدولي الثامن لتاريخ بلاد الشام. 

وقد حصل الدكتور صالح درادكة وعبر مسيرة عمله على العديد من الأوسمة منها وسام المؤرخ العربي ووسام التربية والتعليم الأردني بالإضافة إلى حصوله على العديد من كتب التقدير من مؤسسات عربية وأردنية. 

وقد نظمت الجامعة الأردنية احتفالية خصت بها الأستاذ الدكتور صالح درادكة تم فيه ذكر مناقبه وصفاته وإنجازاته العملية ، وكان للدكتور الدرادكة مشاركة قال فيها: إن هذه الاحتفالية ترمز إلى عناية الجامعة بالعلم والعلماء والحرص على أن تحافظ الجامعة على مسارها الذي أنشئت من أجله ، فقد وجد العلم لاستكشاف المجهول ، ولجعل الإنسان صالحاً للحفاظ على الحياة واستمرارها ، كما أراده الله خليفة في الأرض ، ليعمرها ويصلح فسادها والإنسان يتنازع في ذاته بين الصلاح والفساد وليس هذا التنازع شرا كله ، وإنما هي حالة تهدي إلى الصواب فالله سبحانه يقول: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" ووصف النفس باللوامة والأمارة بالسوء ويتمثل النجاح والخلاص بكبح الشر والنزوع نحو الخير والفضيلة وهنا يأتي دور المعلم الأب الروحي للأجيال الحالية والقادمة فهو رسول الحياة التي أرادها الله لبني البشر ، ولا يقاس عمل المعلم بما يتمتع به من فصاحة وبيان وحسن هندام ، وإنما يقاس نجاحه في مقدار ما يتركه من أثر في تكوين طلابه بعد مرور الزمن ، أي بمقدار ما يدينون له باكتساب مهارة البحث والتنقيب والجد والمثابرة ، والجرأة والصدق في طرح الرأي وقبول غيره بعد التثبت والإلمام. فالأصل أن يظل المعلم معطاءً متفانياً ، دونما طلب للشهرة والجاه والمال ، وإلا تحول إلى تاجر المفسدات والله يصف النخب المجتمعية: "بالذين آمنوا وعملوا الصالحات" إننا بأمس الحاجة للذين يعملون الصالحات فهؤلاء في نور الله "في جنان العلم" ونور الله لا يهدى لعاصي ، والعاصي الذي يخرج عن طاعة الله ويدخل في طاعة الشيطان والطاعة هنا لا تتمثل بالعبادات فقط وإنما بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهؤلاء هم المفلحون. 

وقد تحدث الأستاذ الدكتور مفيد عزام في شخصية الدكتور صالح درادكة فقال: لقد عُرف الدكتور صالح درادكة بتبحره في علوم التاريخ إيماناً منه بأن الأمة التي تطل على تاريخه تقوى على ترميم حاضرها وبناء مستقبلها فالتاريخ عنده هو موئل الحكمة ومصدر العظمات والعبر ، ونحن إذا نحتفي اليوم بالدكتور صالح درادكة ، فإنما نحتفي به عالماً جليلاً وباحثاً صبوراً غيوراً ما انفك طيلة يومه الدراسي ، يتحرى المعلومة ، ويبحث عن الحقيقة من مظانها ، حتى أغنى النفوس الظامئة إلى العلم والارتقاء في سُلّمه وأثرها بالحكمة والرأي السديد. 

وقد تحدثت الدكتورة غيداء خزنه كاتبي في الاحتفالية التي أقامتها الجامعة الأردنية بمناسبة بلوغ الأستاذ صالح درادكة سن السبعين فقالت: إن بقاء الحضارات وامتدادها ، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى إنسانيتها ، وأن تكريم الإنسان للإنسان يكون باحترام فكره وتقدير انجازاته ، ونلتقي اليوم بهذا الجمع المفكر لتكريم الفكر ورفع شأنه ، والمتمثل في تكريم الأستاذ الدكتور صالح درادكة ، الذي قدم خلال مسيرته العلمية مؤلفات عدة ، أثرت المكتبة العربية بموضوعاتها ، بل غدا بعضها مرجعاً للعلماء لما تضمنه من معلومات موثقة لا يعرفها إلا القلة من الباحثين ويجهلها الكثيرون من المتعلمين ، بالإضافة إلى العديد من الدراسات التي اتسمت بالجدية والتنوع. 

يسجل لأبي سلام بأنه رجل المهمات الصعبة لم يجامل على حساب الوطن بل ظل الأردن هاجسه الدائم يعشق العمل ويقدس تراب الوطن. والدكتور صالح درادكة الذي يمتلك الخبرات الكثيرة والعلم الوفير نجده اليوم يمضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة ويحاضر ويكتب كل ما من شأنه أن يخدم العلم ، وما زال وبحمد الله يتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية تؤهله لخدمة الأردن.

علي محافظـة ... رجل التاريخ والدبلوماسية

|0 التعليقات
علي محافظة
إن تاريخ الأمم هو مستودع ذكرياتها ، وهو مخزونها الوطني والقومي والتراثي ، إليه تعود لشحذ الهمم ووصل الحاضر بالماضي استشرافاً لمستقبل أفضل ، وإغناء لمسيرة الوطن ورفداً لها ، فالأرض الأردنية تنجب العباقرة والمبدعين على الصعيد المحلي والعربي والدولي ، وهم من نحتاجهم دائماً لتتويج مسيرتنا المضيئة ، فهؤلاء قدوتنا وامتدادنا في الماضي القريب واليوم إذ ننهل من مدرسة مليكنا عبد الله الثاني فإننا نذكر أياديهم البيضاء وفاء لمن بنى وأعطى لهذا البلد وهذه الأمة ، الأمة التي نعتز في الأردن بالإنتماء لها قولاً وعملاً.

إن الحديث عن الدكتور علي محافظة هو حديث عن شخصية أردنية مرموقة وفريدة فهو أستاذ قدير وعالم جليل وسياسي محنك اشتمل نتاجه على دراسات تاريخية هامة كما اشتمل على البحث العلمي والدراسات المميزة ، كثيرة هي المحطات الهامة والأدوار المميزة التي لعبتها هذه الشخصية في تاريخ الأردن فهو المؤسس لجامعة مؤتة العريقة ، كما تولى رئاسة العديد من المواقع الأكاديمية والدبلوماسية.

ولد الدكتور علي مفلح محافظة في قرية كفرجايز الواقعة في محافظة اربد في 15 آذار م1938 لأسرة ريفية تهتم بالتعليم وتحرص عليه ، التحق بكتاب القرية في سن السادسة وأمضى فيه سنة كاملة تعلم فيه القراءة والكتابة والحساب وحفظ عدة أجزاء من القرآن الكريم بالإضافة إلى الأناشيد والأشعار ، ثم التحق بالمدرسة الأولية في قرية "سما" المجاورة لقرية "كفرجايز" وتم قبوله في الصف الثالث. وقد أمضى في مدرسة "سما" الابتدائية خمس سنوات وبعد أن اجتاز امتحان الدراسة الابتدائية بتفوق سعى لمواصلة دراسته في مدرسة اربد الثانوية وذلك بتشجيع من أخيه الأكبر محمود الذي عُرف عنه تفوقه في الدارسة ، وهناك حصل على شهادة الدراسة الثانوية عام 1955 وكان ترتيبه الثاني في لواء اربد الذي ضم أربع محافظات هي اربد وعجلون وجرش والمفرق فكان أول طالب يحصل على شهادة الدراسة الثانوية في قريته قرية (كفرجايز) ، أوفد في بعثة علمية على نفقة وزارة المعارف إلى الجامعة السورية (جامعة دمشق) فحصل على إجازة في الآداب - قسم التاريخ - سنة 1959 وحصل على دبلوم عام في التربية عام 1960 ، ونظراً لظروفه المالية الصعبة فقد عَمًل مدرساً في العديد من المدارس السورية خلال فترة دراسته الجامعية ليتمكن من الإنفاق على نفسه ودراسته.

عاد إلى الأردن في آب 1960 وتم تعيينه معلماً في ثانوية الحسين بن علي في الخليل وذلك بناء على توصية لجنة التعيين في الوزارة. أعقبه بعد أسبوع قرار آخر ليتم فيه تعيينه في عمان ومما يجدر ذكره في ذلك الوقت لم يكن في عمان سوى ثانويتان حكوميتان فقط هما كلية الحسين وثانوية رغدان التي عَمًل مدرساً فيها.

في صيف عام 1961 توجه الدكتور علي محافظة إلى مدينة القاهرة وذلك للتسجيل في برنامج الماجستير في جامعتها لدى الدكتور محمد أنيس. وفي عام 1962 قررت الحكومة إصلاح وزارة الخارجية وهذا الإصلاح لا يتأتى إلا باستغلال طاقات الشباب الجامعيين فعملت على وضع قاعدة للتعيين في السلك السياسي وعقدت امتحاناً للراغبين في العمل فيه في قاعة مجلس الأمة القديم وبعد تدريب بسيط في الوزارة وفي دائرة الجوازات العامة تم نقله إلى السفارة الأردنية في بون في 15 آيار ,1962 عَمًد الدكتور على محافظة في فترة إقامته في ألمانيا إلى تعلم اللغة الألمانية وتقدم في تشرين الأول 1962 لامتحان في اللغة الألمانية ليتم قبوله في برنامج الدكتوراه في التاريخ. ولكن نظراً للأزمة السياسية التي حدثت عام 1965 بين ألمانيا والدول العربية اضطر الدكتور علي محافظة إلى العودة إلى عمان حيث بقي فيها عدة أشهر ، ثم نُقل إلى السفارة الأردنية في تونس حيث عمل بمعية فرحان شبيلات ومحمد نزال العرموطي وهناك تعلم اللغة الفرنسية ، وبقي في تونس سنة واحدة ليتم نقله إلى الجزائر بوظيفة القائم بأعمال السفارة الأردنية هناك وذلك عام ,1966

في بداية كانون الثاني 1968 تم نقل الدكتور علي محافظة إلى باريس وقد لقي هذا الأمر سروراً في نفسه كونه كان يطمح لإكمال دراسته العليا في جامعة السوربون واختار الأستاذ مارسيل كولومب كمشرفاً له في جامعة باريس الثالثة (السوربون) وبعد مرور سنة واحدة تقدم لامتحان دبلوم الدراسات المعمقة فنجح به وباشر كتابة أطروحته لنيل شهادة دكتوراه التخصص (الحلقة الثالثة) بعنوان: "العلاقات الأردنية البريطانية بين عامي 1921 و "1957 وقدمها لأستاذه ليتم تأليف لجنة المناقشة وتحديد موعدها ليفاجأ بعد ذلك بأيام بقرار نقله إلى السفارة الأردنية في القاهرة. حيث أقام في القاهرة مدة لم تتجاوز ستة أشهر ليذهب في آيار 1971 إلى باريس ليناقش أطروحة الدكتوراه هناك.

بعد ذلك عمل في الدائرة السياسية في وزارة الخارجية ، ثم تقدم الدكتور علي محافظة بطلب إلى عميد كلية الآداب الدكتور محمود السمرة للعمل في قسم التاريخ وذلك عام 1971 ، ولقي طلبه كل ترحيب. وحول العمل الدبلوماسي تحدث الدكتور علي محافظة فقال: لابد لي هنا من وقفة بعد انتهاء عملي في الحكومة الأردنية ، للحكومة فضل كبير علي ، فلولاها ما حصلت على الدراسة الجامعية في دمشق ، وبفضلها أتيحت لي فرص الاطلاع على الثقافة الغربية أثناء عملي في بون وباريس لمدة ست سنوات ونيف وتمكنت من خلال عملي في السلك الدبلوماسي الأردني من تعلم اللغتين الألمانية والفرنسية والحصول على شهادة الدكتوراه. وكان لهذا كله أثره في نفسي وانعكس على سلوكي ومحبتي لبلادي وإخلاصي له ، ونما لدي الاستعداد القوي الدائم للعطاء والاستجابة لتقديم العون والمساعدة لأجهزة الدولة المختلفة وللمواطنين الأردنيين أينما كانوا. وكان للعقبات التي واجهتني للحصول على البعثة الدراسية الجامعية عام 1955 أثرها في نفسي ، إذ جعلت حساسيتي للظلم شديدة ومقاومتي له أشد ، ولم أتوان يوماً في كل المواقع التي تسلمتها عن رفع الظلم عن المظلوم وإغاثة الملهوف وإنصاف الناس ودعم كل ذي كفاءة ومقدرة ، دون النظر إلى أصله وفصله. وظلت العدالة والمساواة من القيم الأساسية التي أتمسك بها وأدافع عنها ، ولكن حبي للتعليم وشعوري العميق بأن اتصالي بالطلبة ودوري في تكوينهم الفكري والنفسي ولد لدي قناعة بأن المعلمين ورثة الأنبياء وأن التعليم من أسمى المهن وأصعبها ، ولا يتقنها إلا من أحبها وتعلق بها.

بدأ الدكتور علي محافظة تدريس التاريخ المعاصر في الجامعة الأردنية عام 1971 وحصل على شهادة دكتوراه الدولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون (باريس الأولى) تحت إشراف الدكتور جان بابتست ديروزيل وكان عنوان رسالته: "مسألة الهلال الخصيب بين عامي 1919 و 1945م" وكان اهتمامه منصباً على تاريخ الأردن المعاصر.

وحول قيامه بتأسيس جامعة مؤتة تحدث الدكتور المحافظة فقال: في آب 1981 توليت تأسيس جامعة مؤتة التي بدأت بكلية العلوم الشرطية في عمان وانتقلت الجامعة إلى مقرها الدائم في مؤتة - الكرك عام 1984 حيث أضيف إلى كلية العلوم الشرطية كلية العلوم العسكرية بثلاثمئة مرشح ضابط من حَملة شهادة الدراسة الثانوية العامة ، وافتتحت في الجامعة تخصصات تحتاجها القوات المسلحة والأمن العام وهي الهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الإدارية والقانون واللغة العربية واللغة الانجليزية ، كان الهدف من إنشاء جامعة مؤتة العسكرية على نمط الجامعات العسكرية الأميركية إعداد ضباط مؤهلين علمياً وتقنياً وعسكرياً في خطة ترمي إلى تحديث القوات المسلحة الأردنية وتمكن ضباطها من استيعاب التكنولوجيا العسكرية الحديثة وتطويرها وتأهيلهم علمياً لقيادة هذه القوات بكفاءة واقتدار ، ومن أهداف الجامعة أيضاً تجسير الهوة القائمة في المجتمعات العربية بين العسكريين والمدنيين.

وتحدث الدكتور نعمان الخطيب في شخصية الدكتور علي محافظة فقال: تمكن الأستاذ الدكتور علي محافظة بمؤهلاته العلمية والتربوية والإدارية ، وبتعدد مصادر ثقافته العالمية ، مع ما يتصف به من صفات اجتماعية محببة وملكات حضارية محترمة من قيادة مركب العلم والمعرفة ، مركب السلاح والقلم ، مركب الحرب والسلام مركب العنف والتسامح الذي التحق به عشرات الألوف من العلماء والعسكريين والقادة الذين ساهموا في كتابة التاريخ الأردني المعاصر بدعم كبير من المغفور له بإذن الله الملك الحسين رحمه الله وطيب ثراه الذي كان يردد دائماً بأن لمؤتة في القلب مكانة وفي الخاطر رعشة واعتزاز وانتقل إلى رحمته تعالى وهو يكتنز لمؤتة في قلبه حباً خاصاً كيف لا وقد أرادها معهداً للقادة ومصنعاً للرجال. وقد استطاع الدكتور علي محافظة في الجناح العسكري أن يطبق القانون والنظام على الجميع وأن يضمن لكل منها (العسكريين والمدنين) خصوصية ، فكان عسكرياً صلباً في العسكرية ومدنياً مرناً في المدنية وقائداً عالماً تربوياً في الإدارة ، لم يخشى الاندماج العسكري المدني ، بل طوعه لخدمة التجربة في جامعة مؤتة ونجح أبو باسل في ذلك.

تولى الدكتور علي محافظة رئاسة جامعة اليرموك عام 1989 وعمل على مراجعة مسيرة الجامعة عن طريق تكوين لجان لدراسة واقع كل ميدان واقتراح الإصلاح المناسب له لأن عملية الإصلاح والتطوير مستمرة ولا ينبغي أن تتوقف.

تعلو بعض الأصوات بين الحين والآخر لتكريم الشخصيات البارزة ربما هذا مهم وضروري ورغم ذلك تحتاج الذاكرة الجامعية دوماً لنفض الغبار مخافة نسيان من ضَحوا بالغالي والنفيس خدمة للأمة لا بحثاً عن حياة شخصية ومنافع ذاتية. وقراءة السيرة الحياتية لمثل هذه الشخصيات يحيي قيماً وأخلاقاً حميدة تسهم في عكس صورة عن رقي هذا المجتمع ونبل أخلاق عظمائه. وضمن برنامجها السنوي "ضيف العام" نظمت مؤسسة عبد الحميد شومان يوم 10 ـ 10 ـ 2009 ندوة تكريمية للدكتور علي محافظة بعنوان: "علي محافظة مؤرخاً ومفكراً وكاتباً" شارك فيها عدد من الباحثين والدارسين من الأردن والوطن العربي وتحدث السيد ثابت الطاهر المدير العام لمؤسسة عبد الحميد شومان فقال: إن الحديث عن الدكتور علي محافظة يثير الشهية للحديث عن الكثير من الشؤون والشجون وأن من أبرز إسهامات الدكتور المحافظة أنه تعامل مع التاريخ بمرونة شديدة فقد استطاع أن يجعل التاريخ مقروءاً وليس مركوناً على أرفف الكتب وذلك بعد أن وظّف التاريخ وتحولاته في خدمة وتشخيص الواقع الراهن وبأسلوب يساعد على استشراف ما يمكن أن يكون عليه المستقبل.

وتحدث الدكتور محمد عيسى صالحية في شخصية الدكتور علي محافظة قائلاً: في قريته كفرجايز الإربدية أينع ومن كده وراء محراث والده وفّر وأخوته للأسرة ما أشبع دون إفراط وما سد الرمق دون رفاهية ورغد ، انتقل إلى اربد لإكمال دراسته وفي المدينة عَرف السياسة والأحزاب ، ونما فكر علي ، وفي دراسته للتاريخ وجد نفسه فانكب عليه ونال شهادته الأولى وأكمل دراسته في فرنسا إثر عمله في وزارة الخارجية وتنقله بين عددْ من السفارات الأردنية في الدول العربية والأجنبية فتعمقت ثقافته العربية والأوروبية وتوسعت آفاق فكره ونمت معارفه ومن هنا كان التصاقه الفكري بقضايا الأمة العربية وتوأمته البحثية بين الأردن وفلسطين.

وتحدث الدكتور عادل الطويسي في شخصية الدكتور علي محافظة فقال: في عام 1988 وبعد التحاقي كعضو هيئة تدريس بجامعة مؤتة بعامين اختارني الرئيس علي محافظة ضمن وفد يرافقه لزيارة جامعة جلاسكو في سكوتلاندا وكان أسبوعاً مليئاً بالخبرات والمعلومات بالنسبة لي وأنا في صحبة رجل ينتقل بك بين الحقب والأحداث التاريخية تارة وبين الأطر الفكرية السائدة في العالم العربي تارة أخرى ، المحطة الرئيسية الثانية في علاقتي مع الدكتور محافظة كانت بعد تسلمي لمنصب وزير الثقافة ، فكانت عضويته في لجنة مكتبة الأسرة الأردنية مثرية جداً لعمل اللجنة من خلال آرائه في نوعية الكتب المختارة والمناسبة للأسرة فساهم فعلاً في نجاح المشروع الذي شهد به الجميع.

ووصفه الدكتور زيدان كفافي فقال: الأستاذ الدكتور علي محافظة أقل ما يقال فيه أنه عالم في علمه ، ثاقب في رأيه ، فاحص في نظرته فارس في إدارته ، ومن حسن طالعي أن أستاذنا اعتلى كرسي الرئاسة في جامعة اليرموك عام 1989 وأجلسني على كرسي مدير معهد الآثار والأنتروبولجيا في الجامعة عام 1991 وسافرت معه في مهمات علمية إلى ألمانيا واليونان وتشاركنا سوية في تأسيس نادي زملاء فون - همبولدت في الأردن وهو الأب الروحي له ، وجمعتني به عبر هذه النشاطات علاقة حميمة وعرى صداقة لا تنفصم.

وتحدث الدكتور محمد عفيفي من جامعة القاهرة في شخصية الدكتور علي محافظة قائلاً: الدكتور علي محافظة في أعماله العديد من الملاحظات المهمة حول تطور الفكر العربي حيث ينتمي للتيار الفكري الذي يرفض أن النهضة العربية لم تبدأ إلا في القرن التاسع عشر بمجيء الغرب هذه النظرة التقليدية التي سادت معظم الدراسات الغربية والعربية والتي تناولت تاريخ الفكر العربي. ويرصد المحافظة ظاهرة مهمة ارتبطت بهذا التيار وهي عدم رفضه التام لحضارة الغرب.

وتحدثت الدكتورة خيرية قاسمية قائلةً: ساهم الدكتور المحافظة في إغناء الفكر القومي وإرسائه على أرضية ثقافية وتاريخية مستمدة من الواقع العربي وهو يوصل أفكاره بروية وسلاسة وموضوعية وصراحة غير مشحونة بروح الإثارة ، الدكتور المحافظة يخوض في الماضي ولكنه يتطلع إلى المستقبل من أجل بناء مجتمع عربي متكامل معافى.

حصل الدكتور علي محافظة خلال ميسرة عمله على العديد من الأوسمة منها: وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الرابعة ، وسام الصليب الحديدي من الدرجة الثالثة من حكومة ألمانيا الاتحادية ، وسام جوقة الشرف من درجة فارس من الحكومة الفرنسية ، وسام النخيل الأكاديمي من الحكومة الفرنسية ، وسام التربية والتعليم الأردني وسام الدولة التقديرية في العلوم الإنسانية ، وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى وله العديد من المؤلفات والأبحاث المنشورة بالإضافة إلى عضوية منظمات ومجالس ولجان عديدة في الدولة الأردنية.

تمثل حياة الدكتور علي محافظة محطات تضيق فيها الصفحات فهو رحاله وضع رحاله بمواقع عديدة ليؤسس منابر علم ومعرفة مما يجعله رجل تأسيس بامتياز ، إن شخصية الدكتور علي محافظة نجملها بأنها شخصية أبدعت وتألقت فاختزلت تاريخ الوطن وترقت فعبرت عن أمة بكاملها ، فلكل أمة تاريخ يصنعه عظماؤها وفي حياة كل شعب مسيرة عطاء محفوفة بجهود أبنائه الحريصين على بناء غده وتحقيق مجده.