حين ندرس مسيرة حياة الوزيرالسابق الأستاذ المحامي يوسف سليم ذياب المبيضين نكتشف قصة من أجمل قصص النجاح التي حققتها الروح العصامية لفتى فقد والده في ثلاثينيات القرن العشرين المنصرم وهوفي الثانية من عمره فكابد على مدى سنوات طويلة معاناة اليتم وأضطرَّ لترك مدرسته وهوفي السادسة عشرة من عمره ليعمل موظفاً صغيراً في مكتب بريد صغير ليصبح رجل العائلة على صغر سنـِّـه، ولكن ظروف اليُتم العصيبة منحته روحا عصامية دفعته إلى المزاوجة بين وظيفته المتواضعة وبين إكمال دراسته الجامعية بعد أن تقدم في السن ليحصل على شهادة الحقوق من الجامعة السورية بدمشق، ويذكر الوزير السابق المحامي الأستاذ فهد أبوالعثم في مقابلة صحفية أنه رافق الأستاذ المبيضين في السكن في غرفة واحدة في دمشق مع الأستاذين المحاميين لاحقا وليد الحاج حسن وعبد الرزاق أبوالعثم وكانوا جميعهم متأثرين بأفكار جماعة الإخوان المسلمين، بعد تخرُّجه من كلية الحقوق في جامعة دمشق عاد المبيضين إلى عمَّـان ليقتحم الساحة السياسية الأردنية قياديا في جماعة الإخوان المسلمين بضع سنين حيث شغل عضوية أعلى قيادة إخوانية كان يطلق عليها إسم المكتب العام، ولا زال الكثير من الرعيل الأول من الإخوان المسلمين يذكرون ذلك اليوم من أيام شهر رمضان المبارك من عام 1954 م عندما هرعوا للمشاركة في مظاهرة إحتجاجية على قيام وزارة الزراعة بانتهاك حرمة رمضان المبارك بإقامتها لوليمة غذاء في مدرسة خضوري الزراعية في طولكرم لوفد أجنبي وتقديمها للخمور في تلك المأدبة، ليستمعوا إلى يوسف المبيضين عضوقيادة الإخوان وهويُطالب من فوق شرفة المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين في وسط عمان»فوق مطعم القدس»باستقالة الحكومة التي كان يترأسها توفيق أبوالهدى، وبمحاكمة وزير الزراعة الذي انتهكت وزارته حرمة شهر رمضان المبارك، وبعد انتهاء الخطابات من فوق شرفة المركز العام سارت جموع المتظاهرين يتقدمهم المراقب العام للإخوان في حينه الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة حتى وصلت إلى مقر رئاسة الوزراء في شارع السلط»مكان البنك المركزي حالياً»وارتفعت هتافات الآلاف تطالب باستقالة الحكومة ومحاكمة وزير الزراعة، ولم يطل الأمر حتى خرج رئيس الحكومة توفيق أبوالهدى ليقدم اعتذار حكومته عن خرق حرمة رمضان واعداً بمحاسبة المتسبـِّـبين بهذا الخرق لحرمة الشهر الكريم، وبعد وقت قصير حضر وزير الزراعة إلى المركز العام للإخوان ليقف إلى جانب يوسف المبيضين على شرفة المركز العام ويخطب في الجماهير المحتشدة مكرراً إعتذار الحكومة ومؤكداً عزمها على محاسبة المسؤولين عن خرق حرمة رمضان المبارك.
وبقي المحامي يوسف المبيضين على صلة تنظيمية بالإخوان المسلمين حتى النصف الأخير من الخمسينيات عندما التحق بوزارة الداخلية حاكماً إدارياً متنقلا بين جنين والزرقاء والسلط واربد حتى أصبح محافظاً لمحافظة الخليل بالضفة الغربية، وبعد احتلال اليهود للمدينة ترك المبيضين الوظيفة الحكومية ليتفرغ للعمل في سلك المحاماة، وبعد إنطلاق المسيرة الديمقراطية من جديد بعد ما عُرف بهبـَّـة نيسان 1989 م التي أطاحت بحكومة الرئيس زيد سمير طالب الرفاعي خاض المحامي يوسف المبيضين إنتخابات 27 / 11 / 1989 م وفاز بأحد مقاعد دائرة الكرك وشكـَّـل مع عدد من النواب كتلة أطلقوا عليها إسم»الكتلة الإسلامية المستقلة»، وعندما برزت فكرة تأسيس حزب سياسي يلمُّ شمل الإسلاميين من مختلف الأطياف بعد السماح بتشكيل الأحزاب السياسية في بدايات التسعينيات كان المحامي يوسف المبيضين من مؤسـِّـي حزب جبهة العمل الإسلامي، ولكنه لم يلبث أن أنضمَّ إلى عدد من الشخصيات الإسلامية المستقلة التي قدَّمت استقالتها من الحزب في 28/12/1992 م احتجاجاً على ما اعتبره المستقيلون محاولة إخوانية للسيطرة على مجلس الشورى على حساب الإسلاميين المستقلين، وكان المحامي المبيضين من روَّاد العمل المصرفي الإسلامي حيث كان أحد أول خمسة مؤسِّـسين، كما شارك في عضوية إدارات العديد من المنظمات الإسلامية كالمؤتمر الإسلامي لبيت المقدس ولجنة إنقاذ القدس وجمعية الدراسات والبحوث الإسلامية.
على صعيد المشاركة في الحكومة فقد شغل المحامي يوسف المبيضين منصب وزير العدل في حكومة مضر بدران المشكّلة في 6/12/1989 م ممثلاً للكتلة الإسلامية المستقلة في مجلس النواب الحادي العشر المنتخب في 27 / 11 / 1989 م، وكان الأستاذ يوسف المبيضين قد فاز في تلك الانتخابات بأحد مقاعد المجلس ممثلاً لمنطقة الكرك، وعاد فشغل منصب وزير العدل في حكومة الأمير زيد بن شاكر المشكَّلة في 21/11/1991م.
مشاركة الموضوع مع الأصدقاء :
Add This To Del.icio.us
Tweet/ReTweet This
Share on Facebook
StumbleUpon This
Add to Technorati
Digg This
|