‏إظهار الرسائل ذات التسميات العربيات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العربيات. إظهار كافة الرسائل

معالي الأستاذ عبدالحليم النمر الحمود العربيات

|1 التعليقات
معالي الأستاذ عبد الحليم الحمود
إن الحديث عن عبدالحليم النمر هو حديث عن شخصية أردنية سلطية مرموقة من الرعيل الأول جمعت ما بين الهم العربي والشأن السياسي والاجتماعي المحلي قلما توفرت في غيره ، كثيرة هي المحطات الهامة والأدوار المميزة التي لعبتها هذه الشخصية في تاريخ الأردن. ولد عبدالحليم النمر عام 1916 في السلط ، ودرس فيها وتخرج منها ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة دمشق وحصل على درجة البكالوريوس في الحقوق عام 1939.

فشخصيتنا الوطنية هذه لم تكن شخصية عادية وإنما كانت شخصية من عائلة عريقة في السلط هي عائلة الحمود "العربيات" فقد كان والده رجلاً معروفاُ بوطنيته ودوره السياسي ، ومن ابرز أدوار نمر الحمود أنه كان من المؤسسين لحزب الشعب الأردني الذي نشأ في عام 1927 وهذا الحزب كان يدعو إلى أهداف استقلالية فكان يسعى إلى استقلال الوطن العربي ومن ضمنها الأردن وبالتالي هذا له أهمية كبرى انعكست على بيئة أولاده.

إن المرحلة التاريخية حددت إلى حد بعيد الدور الذي يمكن أن تلعبه شخصية نمر الحمود ففترة 1921 وما بعدها فترة مليئة بالأحداث ، وربما قبل عام م1921 فقد كنا أمام وعد بلفور فبالتالي شخصية والد عبدالحليم النمر الحمود أيضاً عاشت هذا الجو وبالتالي الوعي الوطني والقومي تشكل في ضوء هذه الأحداث إذاً في هذه الفترة نتحدث عن الدور البريطاني في تشكيل التاريخ السياسي لدولتنا حيث أنها كانت تهيمن فعلياً على منطقة المشرق العربي وبالتحديد الأردن وفلسطين وهذا بحد ذاته دفع كثير من الشخصيات الوطنية للمطالبة بالاستقلال وتشكيل الدولة العربية الموحدة وهو الحلم الذي كان إبان الثورة العربية الكبرى قبل عام 1916 لأن الحلم ما زال يتحقق وبالتالي الوعي بهذه المرحلة يود أيضاً أن إيجاد صدى على أرض الواقع وهو ما لم يحدث حتى تلك الفترة وبالتالي مسألة الاستقلال ومسألة الحرية هي مفاهيم ذهنية عبدالحليم النمر ووالده الذي سبقه في هذا المجال وشخصيات كل القيادات الوطنية في هذا البلد.

وقد أشار الباحث الدكتور لؤي إبراهيم سليمان البواعنة المحاضر في جامعة البلقاء التطبيقية والمهتم بالشأن الأردني إلى أن البيئة السياسية والأجواء المحيطة بنمر الحمود أثرت كثيراً على ولده عبدالحليم فقد كان نمر الحمود أحد الأعضاء الذين حضروا المؤتمر الوطني الأول الذي عقد في عمان عام 1928 وكلنا نعلم ما هو هذا المؤتمر الوطني الأردني وما هي أهميته على الساحة الوطنية الأردنية فقد جاء لتحقيق أهداف سامية لوطننا الأردن ومنها استقلاليته وديمقراطيته وعلى رأسها معارضته للمعاهدة الأردنية البريطانية لعام 1928 وترتب على هذا المؤتمر الوطني الميثاق الوطني الأردني الأول الذي حمل كثيراً من المعاني والمنطلقات السياسية والوطنية من ضمنها المطالبة بحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب والمطالبة بحكومة عربية دستورية فنمر الحمود كان أحد أعضاء هذا المؤتمر بالإضافة إلى عدد كبير من شخصيات البلقاء المرموقين ومنهم ماجد العدوان وسليم البخيت.

ففي هذه الأجواء الوطنية والعروبية نشأ عبدالحليم النمر أضف إلى ذلك أن هذه العائلة كانت ذات وزن ونفوذ داخل الحكومة الأردنية أيضاً فأخوه عبدالله دخل الوزارة لأكثر من مرة خصوصاً في وزارة توفيق أبو الهدى وتحديداً عام1939 وربما هذا أثر في شخصية عبدالحليم النمر بحيث تكون شخصية وطنية وقومية في آن واحد.

وتحدث الدكتور البواعنه عن بدايات العمل السياسي لعبدالحليم النمر فأشار إلى نقطتين هامتين جداً في حياته ففي بداية النشاط السياسي عندما كان طالباً وثم بعد عودته عندما أتم دراسته ، وألمح أن هذا الرجل كان رجلاً واعياً ومثقفاً على درجة كبيرة واشار لحادثة مهمة استقاها من كتاب الأستاذ الكبير علي محافظة في كتابه الفكر السياسي الأردني في سياق حديثه لأبناء الأردن عن النشاط السياسي وتحديداً عن النشاط السياسي للطلبة الأردنيين والتي جعل فيها عبدالحليم النمر في مقدمة هؤلاء الطلبة حيث كان للطلبة آنذاك عدة نشاطات سياسية خاصة في سوريا ومصر والأردن.

طبعاً كان لعبدالحليم النمر دور كبير في عقد مؤتمر الطلبة الأردنيين في عمان وتحديداً في أيار 1937 وهذه نقطة تسجل للمرحوم عبدالحليم النمر طبعاً هذا المؤتمر الوطني الذي عقد للطلبة في عمان تولى رئاسته محمد عودة القرعان أما المرحوم عبدالحليم النمر فكان سكرتير هذا المؤتمر ، وتبرز أهمية هذا المؤتمر أن لعب منظموا المؤتمر ومنهم عبدالحليم النمر دوراً في إنجاحه فقد حضره طلاب من جميع المدارس الثانوية في الأردن ، وكان تمثيل كامل للمدارس الثانوية في الأردن في إربد والسلط والكرك وعمان وتمخض عن هذا المؤتمر جملة من القرارات السياسية ومنها المطالبة بتعديل معاهدة عام 1928 ، والمطالبة بقبول الإمارة عضو في عصبة الأمم المتحدة وتأليف حكومة أردنية مسؤولة أمام المجلس التشريعي بالإضافة على استنكار الصهيونية والاحتجاج على تقسيم فلسطين.

وعندما نتحدث عن بداية علاقة عبدالحليم النمر بالشخصيات الوطنية وعلى راسها الشهيد وصفي التل فقد أشار الدكتور لؤي البواعنة إلى نقطة هامة وهي أن الطلبة الأردنيين كانوا عادة يطالبون بالوظائف بعد عودتهم من دراستهم في الخارج ويبدو أن هذا الرجل عندما عاد من دراسته كان قد تقدم لوظيفة لم يحصل عليها وهذا دعا عدد من الطلبة الأردنيين لرفع شعار "الأردن للأردنيين" ويبدو أن هذه الحركة نالت إعجاب شاعرنا المرموق مصطفى وهبي التل "عرار" الذي كان متصرفاً لمدينة السلط في ذلك الوقت وعزلته الحكومة على اثر ذلك في 1942 ـ 10 ـ 8 ، وكان عبدالحليم النمر من ضمن أولئك المشمولين بتلك المطالب ومن هنا بدأت علاقته بالمرحوم وصفي التل ودليل على أن هذين الرجلين ذوا فكر قريب من بعضهما البعض وكلاهما يؤمن بالفكر الوطني والفكر القومي.

وفيما يتعلق بالجانب الديمقراطي والحياة النيابية في الأردن فقد كان عبدالحليم النمر شخصاً مؤثراً فيها فقد أشار الدكتور خالد شنيكات أنه من خلال متابعتنا للحياة السياسية في الأردن وبالتحديد فترة الخمسينات التي عايشها عبدالحليم النمر الحمود فإننا لا نود أن نقول بأكثر من أن هذه المرحلة كانت ديمقراطية وبامتياز ، فقد كانت مرحلة ليبرالية بكل المقاييس كانت الأحزاب السياسية تمارس عملها على الساحة الوطنية كما كانت إمكانية الوصول للبرلمان وإمكانية تشكيل الحكومة في هذه المرحلة كانت نادرة الحدوث حتى في كل المشرق العربي في تلك الفترة يعني أننا نشهد في هذه الفترة نظام أعطى أولوية للديمقراطية والمبادئ الديمقراطية في إمكانية تحقيقها هذا ما مارسته شخصية عبدالحليم النمر على التحديد إذ أن من يمارس العمل السياسي يجب أن يؤمن بالعمل السلمي ونظرية العمل السلمي هو أن يعمل بأحزاب لديها أهداف واضحة غايتها سليمة مشروعة تتوافق مع الإطار الديمقراطي فعبدالحليم النمر مارس العمل الحزبي بشكل جيد لا بل مارس العمل النقابي ربما بالاشتراك بتشكيل جمعيات وغير ذلك ، ثم لاحقاً مارس العمل الحزبي ونتحدث بالتحديد عن الحزب الوطني الاشتراكي في تلك الفترة الذي استطاع الحصول على اكبر عدد من المقاعد في البرلمان الأردني ليقوم بتشكيل الحكومة وهي حادثة فريدة في الوطن العربي في تلك الفترة وهي من أشكال الديمقراطية أيام المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال الذي كان قد تسلم العهد حديثاً ، وكان مؤمناً بنظرية الديمقراطية كآلية لتبادل السلطة وبالتالي أعطى الحرية كاملة للعمل الحزبي في تلك المرحلة. لقد كان عبدالحليم النمر عضواً في الحزب الوطني الإشتراكي الذي تأسس عام 1954 ومن أبرز أهداف هذا الحزب التي تتمثل :

أولا: التأكيد على أن الشعب الأردني جزءً من الأمة العربية.
ثانياً: ضرورة تحقيق الحريات العامة.
ثالثاً: تحرير البلاد العربية من النفوذ الأجنبي ويبدو أن هذا الحزب الوطني كان من أنجح الأحزاب التي ظهرت في تلك الفترة وكان عبدالحليم النمر من أنشط وأقوى الشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً في الحزب الوطني الإشتراكي ، فقد فاز بالانتخابات السياسية التي أجريت عام 1956.

أما عن علاقة عبدالحليم النمر بحلف بغداد ودوره في عهد حكومة النابلسي في مقاومة حلف بغداد ، فقد تحدث الدكتور البواعنة قائلاً إنه التصق اسما عبدالحليم النمر ودولة سليمان النابلسي بحلف بغداد وبغض النظر سواء أكانوا هؤلاء الأشخاص معارضين لحلف بغداد فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم معارضون ، بل هؤلاء شخصيات وطنية عرفوا بانتمائهم لهذا الوطن والتصق اسمهم بتاريخ الأردن السياسي ويبدو أنهم كانوا على علاقة سياسية متينة بالنظام السياسي بغض النظر عن معارضتهم لحلف بغداد.

إن الهدف الأسمى لهم هو مصلحة الأردن أولاً وأخيراً ، أود هنا أن اشير الى قصة بسيطة يذكرها سليمان الموسى في كتابه أوراق من دفتر الأيام والتي يذكر فيها أنه في إحدى جلسات مجلس الوزراء عندما كان هزاع المجالي رئيساً للوزراء عام 1955 وأثناء تولي ميرزا باشا لوزراة الداخلية دخل عليهم كلوب باشا وأعلمهم أنه هناك ثلاثة أشخاص لهم دور كبير بالاضطرابات التي تجري في الشارع ومن ضمنهم سليمان النابلسي ، وعاكف الفايز ، وعبدالحليم النمر ويبدو أنه صدرت الأوامر باعتقالهم ، مع هذا فإننا لا ننكر دورهم الوطني بغض النظر عن معارضتهم لحلف بغداد فقد كانوا أشخاصا لهم دور وطني ومن أشد الناس حرصاً على الدولة الأردنية ومصلحتها ولهم علاقة متينة بالنظام السياسي. لقد تقلد عبدالحليم النمر العديد من المناصب فقد أصبح وزيراً لعدة مرات للدفاع والداخلية في حكومة سليمان النابلسي وزيراً في حكومة توفيق أبو الهدى وزيراً للتربية ، وزيراً للزراعة أيضاً ورئيساً لمجلس النواب وعضواً في مجلس الأعيان الأردني هذا التنوع الكبير كان في حياة عبدالحليم النمر.

أما عن علاقة عبدالحليم النمر بالرموز الوطنية في تلك الفترة فقد أضاف الدكتور لؤي البواعنة ، حقيقة كان عبدالحليم النمر ذا علاقة وثيقة بوصفي التل وأورد جزءاً من كلمة العين مروان عبدالحليم نمر الحمود وهو يتحدث عن علاقة والده بوصفي التل فيقول: "علاقتي بالمرحوم وصفي التل هي امتداد لعلاقة والدي عبدالحليم النمر بأبي مصطفى المقصود وصفي التل والرجلان هما نتاج حقبة تاريحية مرت بهما الوطن والأمة وتعبير عن الاتجاهات السياسية التي سادت آنذاك والتطلعات التي وجد أبناء الوطن أنفسهم مندفعين لتحقيقها في فترة التكوين السياسي للدولة".

طبعاً لقد عبر وصفي التل عن عمق العلاقة بعبد الحليم نمر الحمود وذلك في مرثية عام 1964 يقول فيها عن عبدالحليم النمر الحمود: "أنه الإنسان الغالي العزيز ....... لم يكن عندي مجرد الأخ العزيز أو الصديق الحميم الوفي لم يكن ابو مروان مجرد ذلك بل كان تجسيداً شريفاً واضحاً لمجموعة قيم وصفات تجعل من فقده خسارة لا تصيب أصدقائه وأقربائه وعارفيه فحسب بل تصيب كذلك كل من آمن بقيم الخير التي تعبر عنها حياة الإنسان الخير الطيب".

ويضيف الدكتور خالد شنيكات هذا النمط من الشخصيات هو امتداد متواصل للبناة ، لأننا نحتاج إلى إرث متواصل من الشخصيات للمستقبل وعلينا دراستها ومعرفة موروثها للاستفادة منها مستقبلا ، وقد أشار معالي الأستاذ فارس النابلسي بأن والده سليمان النابلسي لم يبك بحياته إلا على وفاة عبدالحليم النمر.

تغمد الله الفقيد الكبير معالي الأستاذ المرحوم عبدالحليم النمر بواسع رحمة ورضوانه واسكنه فسيح جنانه.

مروان الحمود العربيات ... أبو العبـد الرجل الطيب

|2 التعليقات
معالي السيد مروان الحمود


لكل أمة تاريخ يصنعه عظماؤها وفي الدولة الأردنية برز العديد من الرجالات الذين كتبوا أسماءهم بحروف من نور في سجل تاريخ هذا الوطن فهم لم يبخلوا والوطن لم ينساهم ومن أبرز هؤلاء الرجالات الشيخ مروان الحمود ابن السلط وأحد رموزها ، السياسي المحنك الذي ارتبط بوطنه بعلاقة روحية يجدر بالجميع الاقتداء بها فكانت مدينة السلط في عُرفه ليست مجرد مدينة نشأ فيها وإنما كانت بالنسبة له (كل شيء) بكل ما يعنيه هذا الرمز.

ولد مروان الحمود في مدينة السلط عام م1942 ودرس المرحلة الابتدائية في مدرستها ثم تابع هذه المرحلة في بيرزيت قضاء رام الله حتى السادس الابتدائي ليعود إلى ثانوية السلط "مصنع الرجال" ثم في طولكرم بعد ذلك التحق بمعهد الحسين الزراعي لمدة سنتين وتخرج منه عام 1964م.

نشأ مروان الحمود في بيئة اجتماعية وسياسية متميزة فجميع أفراد عائلته كانوا من الرعيل الأول حيث كان لهم دور مهم في فترة تأسيس وقيام الدولة الأردنية فجده الشيخ نمر الحمود العربيات كان أحد أركان "حكومة السلط المحلية" والتي تشكلت في قضاء البلقاء (السلط - عمَّان - مأدبا) وعلى أثر اجتماع ضم شيوخ القضاء مع المندوب السامي البريطاني السير هيربرت صموئيل في 21 ـ 8 ـ م1920 كان الشيخ نمر الحمود العربيات أحد ممثلي أهل السلط في مجلس شورى حكومة السلط الذي تمَّ اختياره بالانتخاب ، وشارك نجله عبد الله النمر الحمود العربيات في حكومة الرئيس توفيق أبو الهدى المشكلة في 28 ـ 9 ـ م1938 بمنصب مدير للمالية ثم شارك في حكومة الرئيس توفيق أبو الهدى المشَّكلة في 6 ـ 8 ـ م1939 كوزير للشؤون المالية والاقتصادية.

أما السيد عبد الحليم النمر الحمود وهو والد (مروان الحمود) فقد كان إحدى الشخصيات الأردنية المرموقة جمع ما بين الهم العربي والشأن السياسي والاجتماعي المحلي قلما توفرت في غيره فقد بدأ عبد الحليم النمر دراسته الابتدائية بمدرسة السلط ثم انتقل إلى كلية الحقوق بجامعة دمشق وبعد تخرجه عَمًلَ بوظيفة حكومية وشارك في المجلس البلدي وانتخب رئيساً لبلدية السلط من عام 1944 - م1947 كما تم انتخابه ممثلاً عن السلط في أول مجلس نيابي في حكومة المملكة الأردنية الهاشمية عام م1947 وقد أصبح عضواً في الكتلة المستقلة التي كان صالح المعشر ناطقاً رسمياً باسمها ، عَمًل رئيساً للمجلس النيابي في الفترة ما بين عامي 1951 - م1954 ، تقلد عبد الحليم النمر العديد من المناصب فقد أصبح وزيراً لعدة مرات للدفاع والداخلية والمالية. شارك عبد الحليم النمر مع شفيق إرشيدات وسليمان النابلسي في تشكيل الحزب الوطني الإشتراكي حيث تمكن هذا الحزب من تشكيل حكومة برئاسة سليمان النابلسي ، وقد أصبح عضواً في مجلس الأعيان الأردني.

ارتبط عبد الحليم النمر بالشهيد وصفي التل بعلاقة صداقة حميمة وقد قال فيه وصفي التل: "إنه الإنسان الغالي العزيز ... لم يكن عندي مجرد الأخ العزيز أو الصديق الحميم الوفي لم يكن أبو مروان مجرد ذلك بل كان تجسيداً شريفاً واضحاً لمجموعة قيم وصفات تجعل من فقده خسارة لا تصيب أصدقاءه وأقرباءه وعارفيه فحسب بل تصيب كذلك كل من آمن بقيم الخير التي تعبر عنها حياة الإنسان الخيًّر الطيب". وهكذا فقد برز في عشيرة العربيات العديد من الشخصيات التي تبوأت أهم المناصب في الدولة الأردنية ومن بينهم كذلك معالي الدكتور سليمان العربيات رئيس الجامعة الهاشمية والذي شارك في حكومة الرئيس مضر بدران المشكلة عام 1989 وكذلك السيد عبد اللطيف عربيات ، رئيس مجلس النواب الأردني الأسبق.

أما عن نسب عشيرة العربيات فقد تحدث السيد عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء الأسبق قائلاً: "تعد العربيات عشيرة في مدينة السلط ، تنتسب إلى بطن عبده من قبيلة شمر من حي القحطانية التي انتشرت من منطقة حايل بشمال نجد إلى العراق وبلاد الشام ، استقر جدهم عواد العربي في السلط قبل ما ينوف على ثلاثمئة عام حيث كان يقيم فيها ابن عمه حسن بن حسين الوشاح (جد الوشاحات) فتزوج ابنته وصار الوشاحات والعربيات أبناء عمومة وأصهارا معاً وشكلوا فريقاً واحداً. يقيم بعضهم في النقب في فلسطين وفي جنوب سيناء وقليوب واسنا وفي فرشوط بفلسطين.

شكل العربيات مع الدبابسة والرمنامنة والجزازية والرحاحلة والغنيمات والهزايمة وقسم من الحيارات حلف البصابصة برئاستهم ، ويشكل هذا الحلف مع عشائر النسور والحياصات والخريسات والخليفات والريالات والعناسوة والقسم الباقي من عشيرة الحيارات تجمع عشائر الأكراد في السلط ، ومن فروع العربيات: الحمود ، الوشاح ، العيد ، السفرجل ، العواد".

انتخب السيد مروان الحمود رئيساً لبلدية السلط عام 1968 ، وقد عَمًل جاهداً لخدمة الناس وتلبية احتياجاتهم ونظراً لتفانيه في العمل وإخلاصه المطلق لوطنه وللمواطنين فقد أحبه جميع من تعامل معه أو سَمًع به كونه عًرف بصفات عدة كسعة أفقه وطيبة قلبه ودماثة خلقه ، يبذل كل جهده لخدمة الناس دون تفريق بينهم ، وذلك استكمالاً لما بدأه والده ، عُين في عام 1971 عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني ثم تم انتخابه رئيساً له وعندما شكل السيد زيد الرفاعي حكومته الأولى عام م1973 جاء السيد مروان الحمود وزير داخلية للشؤون البلدية والقروية ثم شارك في الحكومة المشَّكلة في 23 ـ 11 ـ م1974 وزيراً للزراعة وقد شغل المنصب نفسه في حكومة الرئيس زيد الرفاعي والتي تم تشكيلها في 8 ـ 2 ـ 1976م. وجاء من جديد وزيراً للشؤون البلدية والقروية في حكومة الرئيس مضر بدران المشكلة في 13 ـ 7 ـ م19576 وفي حكومة الرئيس زيد الرفاعي المشكلة في 4 ـ 4 ـ م1985 جاء وزيراً للشؤون البلدية والقروية والبيئية ثم أصبح وزيراً للزراعة في تعديل جرى عليها في 4 ـ 1 ـ م1986 وعندما شكل السيد عبد الرؤوف الروابده حكومته في 4 ـ 3 ـ م1999 جاء السيد مروان الحمود نائباً لرئيس الوزراء في هذه الحكومة.

اختير عضواً في المجلس الوطني الاستشاري الأول والثاني والثالث خلال الفترة الواقعة بين 1978( - 1984 م) وقد تم انتخاب السيد مروان الحمود كعضو في مجلس النواب عن قضاء السلط في الفترة ما بين 1984( - 1988م) وانتخب مرة أخرى نائباً عن محافظة البلقاء 1989( - 1993م). وفي عام م1993 اختير عضواً في مجلس الأعيان ولا يزال أحد أعضائه إلى اليوم.

وقد ارتبط معالي مروان الحمود بعلاقة طيبة ومميزة بالراحل الكبير الحسين بن طلال طيب الله ثراه وقد قال فيه: "الملك الحسين بن طلال الذي أحببناه وعاصرناه وعشنا معه في هذا الوطن الذي أحببناه كحبنا له. فقد سعى المرحوم طيلة ما يقارب النصف قرن في بناء الأردن الحديث واهتم بإنسانه فبنى وطور ووضع أسس نهضة علمية وثقافية وصناعية وتجارية عمرانية عملاقة. سنذكره ونتذكر سعيه الحثيث بأن يكون الأردن القدوة في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا ما نتمتع به الآن. وها هو جلال الملك عبد الله الثاني يسير على نهجه بخطى ثابتة قوية لأنه تخرج من مدرسة الحسين ويحيط به شعب وفيّ صادق أمين".

يرتبط معالي السيد مروان الحمود برجل الوطن والدولة السيد زيد الرفاعي بعلاقة صداقة قلما تجد لها مثيل ومن الجدير بالذكر أن السيد زيد الرفاعي أحد رجالات الرعيل الأول الذين ساهموا في بناء وتطوير الدولة الأردنية وخلال مسيرة حياته المكللة بالنجاح والعطاء ما عرف لا طريق الحق والصواب ، طريق الصدق والإخلاص فكان ذا حس شخصي وشعور بالمسؤولية وتحمل للواجب ، نال ثقة الهاشميين بكل جدارة عُرف عنه الحزم والعزم والقدرة على تسيير دفة الأمور ، وقد عمل السيد مروان الحمود مع دولة السيد زيد الرفاعي في عدة حكومات وكانا متفقان على القضايا الداخلية والخارجية.

تمتاز شخصية معالي السيد مروان الحمود بانتمائها الواسع إلى الثقافة العربية واعتزازها بالحضارة العربية الإسلامية فهو مدرسة بالانتماء للوطن والأمة حمل على عاتقة ومن خلال المناصب التي تقلدها في الدولة الأردنية مسؤولية بناء الوطن ورفد مسيرته بكل ما لديه من طاقات وإبداع وأخلاق ومروءات فهو ينحدر من عائلة أردنية عريقة توصف بالطبية وعنوانها الكرامة.

لقد قدم معالي مروان الحمود صفحة ناصعة في تاريخ الأردن وشغل موقعاً مهماً في ذاكرة الوطن ، فقد كان رائداً في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي قدم الكثير لوطنه وكان عطاؤه منقطع النظير دون أن ينتظر المقابل وقف لجانب العديد ودعم الكثير بكل استطاعته بذل الكثير من العطاء واجتهد ونال ما طمح إليه.