كليب الشريدة |
ان الحديث عن كليب الشريدة هو حديث عن شخصية اردنية مرموقة من الرعيل الأول جمعت ما بين الهم الوطني والعربي وما بين الشأن السياسي والاجتماعي قلما توفرت في غيره كثيرة هي المحطات الهامة والأدوار المميزة التي لعبتها هذه الشخصية في تاريخ الأردن وضيوفي للحديث عن شخصية هذا المساء.
ولد كليب الشريدة في منطقة الكورة وتحديداً في بلدة "تبنة" عام م1865 ، وكان الشيخ كليب الشريدة منذ نعومة أظفاره يبدي نجابة وذكاء واهتماما بالشأن العام ، واهتماما بمصالح الناس ، ومن هنا بدأ يبرز تدريجيا حتى أصبح مختار المخاتير في زمن أخيه الشيخ عبد القادر ثم في عام 1911 ، دخل هو وأخيه عبد القادر مجلس قضاء عجلون وكثير من الصحف اعترضت على أن عدد أعضاء مجلس قضاء عجلون 4 أشخاص يكون اثنان اخوان من نفس البلد فالشيخ كليب بدأ صغيرا يهتم بأمور الناس وشؤونهم وأبدى كثيرا من الكرم والطيب ومساعدة الناس ، وهذا أهله لأن يصبح بعد أخيه عبد القادر أن يكون زعيما للكورة.
أما عن الأرث العائلي وانتقال الزعامة من عائلة المهيدات إلى عائلة الشريدة فقد تحدث الدكتور عبد العزيز كليب الشريدة قائلاً: كما سمعت من أخي أن المهيدات كان حكمهم فيه شىء من الظلم ثاروا عليهم ، جماعة في قرة اسمها قرية "ابرة" فكان جدنا نسيب للمهيدات فلما ذهبوا المهيدات تولى هذه الزعامة.
أما عن الفترة التاريخية الأولى من حياة كليب الشريدة فقد تحدث الدكتور صالح درادكة قائلاً: تعتبر فترة كليب الشريدة فترة مخضرمة بين العهد بن العثماني وقيام دولة الإمارة في الأردن ونحن نعرف جميعا أن نهاية العثمانية أو التركية كان فيها مشاكل كثيرة وبخاصة المناطق النائية في بلاد العرب كما نعرف هناك أن يهود الدونما سيطروا على الإدارة كان عهد السلطان عبد الحميد جديد تولى الحكم في تركيا سنة 1876 حاول أن يقوم بإصلاحات لكن كان الخراب والفساد والتآمر من الدول الغربية على الدولة العثمانية أكبر كثير من قدرات السلطان عبد الحميد الثاني المنطقة التي ولد فيها كليب الشريدة منطقة كانت تعج حولها المشاكل ، أولا كان هناك زعامات متفرقة في البلاد كل زعامة كانت تريد أن تثبت وجودها ، وإلا كل المنطقة تتعرض لأخطار الجوار لأن حالات الغزو والنهب والقتل والثأر كانت شائعة في الأردن ، وفي غيره من البلاد العربية ولذلك كان على الناس أن يرتبطوا بزعيمهم وأن يلبوا طلباته لأن الإنسان يعرف بزعيمه ، حتى يحمي نفسه لا بد من الإلتفاف حول الزعامة.
وحسب الروايات ، كانت تتميز الكورة بالذات بالتزامها بزعامة الشريدة كما كان الزعيم يتفانى لخدمة قومه ولهذا تميزت زعامة الشريدة بأنها من أقوى الزعامات المحلية في الأردن كما كان يحسب لها حساب بزعامات بلاد الشام والارجاء المجاورة.
وقد تدرج الشيخ كليب الشريدة خلال الفترة العثمانية من عام 1915 - 1918 في عدة مناصب أصبح مختاراً لبلدة تبنة وأصبح عضواً في مجلس إدارة القضاء وأصبح فيما بعد زعيماً لمنطقة الكورة.
وذلك كونه شخصية ذات تاريخ مخضرم يحتوى أواخر الدولة العثمانية وبدايات الحكم العربي ولذلك نجده من اللذين باركوا للملك فيصل في سوريا ، وتبعوا في فترة من الفترات الحكم العربي في سوريا وبعد أن غدر الحلفاء بالشريف حسين وخانوا العهود والمواثيق ودخلت فرنسا إلى سوريا حاول الشريدة والاميرعبد الله أن يجهزوا جيشا ليحارب بجانب الأمير فيصل ولكن عندما انتهى الحكم من المنطقة أسس كليب حكومة دير يوسف.
في بداية العهد العربي حسب الروايات الشفوية فإن كليب الشريدة رحب بالحكم الفيصلي حتى أن بعض الروايات تقول أنه جهز جيش بقيادة ولده عبد الله مكون من 200 مسلح وبعث بهم إلى حوران لنصرة فيصل ومقاومة الفرنسيين.
وقد تحدث الدكتور صالح درادكة عن فترة الحكم الفيصلي في دمشق ومناصرة منطقة شرق الأردن للملك فيصل في قضية خروج الفرنسيين وعدم السيطرة على دمشق قائلاً: الكورة بقيادة كليب الشريدة ساهمت بشكل فعال في المؤتمرات التي عدقت لنصرة الحكم الفيصلي مثل مؤتمر عجلون ومؤتمر قم مؤتمرات كثيرة حتى وأن الدكتور عبد العزيز ذكر مؤتمر لم تذكره المصادر مثل مؤتمر المغارة ، فكان دائما وأبدا يلبي النداء حتى أن بعض الروايات تذكر أن كليب الشريدة كان مع حزب الاستقلال الذي كان يقوده حسين الطراونة. أما إذا تحدثنا عن فترة الحكومات المحلية وتأسيس حكومة دير يوسف في 15 ـ 9 ـ 1920 فقد تحدث الدكتور صالح درادكة قائلاً: هذه الفترة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى قيام الإمارة اعتبرت فترة فراغ لذلك كثرت فيها الحكومات المحلية.
ولما تكونت الحكومات المحلية كان المطلوب من كليب الشريدة أن يلتحق بحكومة اربد وحكومة اربد كان على رأسها أشخاص على عدم وفاق مع كليب الشريدة من أيام العهد التركي ولذلك رفض كليب الالتحاق بحكومة اربد من هنا كون حكومة في دير يوسف كان هو على رأسها وأشرك مع الكورة قسم كبير من بني عبيد.
ولذلك عندما نرى المجلس الإداري لهذه الحكومة نرى شخصيات من الحمود شخصيات من الخصاونة ، نرى شخصيات من النصيرات ، مما يشير إلى عدم احتكار الحكم المحلي كما حدث في مناطق أخرى.
هذه الحكومة كانت سياستها التعامل بشكل حضاري مع الحكومات المحلية الأخرى وكانوا على إتصال مع زعماء الأردن بالالتقاء في الاجتماعات في السلط وعمان وللمداولة في الشأن العام العربي وكان على رأس الموضوعات المثارة في تلك الفترة موضوع الحكم الفيصلي موضوع المباشرة بتعيين الملك والمناداة بالملك فيصل ملكا على سوريا ولذلك تنادى كثير من الشخصيات واجريت انتخابات للممثلين ولم يضع نفسه كليب الشريدة أو أحد من الشريدة في الإنتخابات انتخب عن كل منطقة اربد عبد الرحمن ارشيدات وشخصية أخرى ممثلين لإربد كان متفق على أن الشعار الوحيد هو المناداة بفيصل ملكا على سوريا المستقلة وإلغاء وعد بلفور وعدم السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين.
في الفترة المتأخرة عندما قامت الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936 ومن بعده سنة 1939 كثر الثوار وخاصة تمركزوا في منطقة الكورة لأنها منطقة يصعب الوصول إليها وعرة ، وأهلها كانوا يحمون الثوار ويقدمون لهم الزاد على اعتبار أنهم مجاهدين في سبيل الله مدافعون عن فلسطين والاردن ضد الغزو الصهيوني بدعم من الإنجليز.
أما إذا تحدثنا عن دور كليب الشريدة في دعم القضية الفلسطينية فقد كانت ملجأ للثوار الذين وجدوا القبول والمباركة من زعامة الكورة ومن أجيال الكورة لذلك كان يكرموا أينما ذهبوا على الرغم من الضغوط الشديدة على الشيخ كليب لإنهاء مسالة الثوار في الكورة وشاركنا في مقربة لذلك عندما جاء فوزي القاوقجي ونزل عند كفر أسد وزار والدي قال له يا فوزي بما أنك ضيف سمو الأمير فإنك ضيف علينا وأحنا كلنا فدى فلسطين وفي سبيل فلسطين ، وكان الكثير من الثوار يعالجون في بيت الشيخ كليب الشريدة.
وتعتبر الكورة محاذية لفلسطين وخاصة منطقة شمال فلسطين وكانت على علاقات اقتصادية واجتماعية وتجارية وكان فيه كثير من المصاهرات وكانت الكورة في فترة من الفترات على تحالف مع آل حرار في منطقة جنين ونابلس ولذلك كانت أخبار فلسطين وما تتعرض له من غزو واستيطان تصل إلى الكورة وكان رجال الكورة أحيانا يساعدوا الثوار ويشاركون معهم في غزو فلسطين لمحاربة اليهود وتشكيل العقبات أمامهم في فلسطين.
وقد كان أهل الكورة فقراء لكنهم أغنياء في النفس أهل نخوة لذلك كانوا على شكل زعيمهم في الكرم في الإقدام هم أيضا يقدمون ويكرمون الضيف وكان كليب الشريدة يفتخر بإبن الكورة إذا عمل عملا طيبا ويرسل له من يشكره وهنا مما يقوي اللحمة بين سكان الكورة.
وعندما سُئل الدكتور عبد العزيز عن والده الرمز والقدوة قال: أنني معجب إلى درجة كبيرة بوالدي ليس لأنه والدي وإنما لأنني قرأت وسمعت الشيء الكثير عنه وله ذكر حسن وعطر والذكر للإنسان عمر ثاني أينما ذهب والحمد لله لا أجد إلا الذكر الحسن لكليب الشريدة وهو أنجب شباباً ورجالاً من خيرة الناس اللذين يخدمون وطنهم وبلدهم ويخدمون مليكهم.
أما الدكتور صالح درادكة فقد قال في شخصية كليب الشريدة أنه ترك تراثاً غنياً يتمثل بالإباء والإقدام والشجاعة والنخوة ويذكر أهالي الكورة أنه كان رمز وحدة الكورة وكان هو يمثل الكورة بإسمه وهيبته وشخصيته وكان متواضعا إلى درجة أنه يأكل مع الأطفال يقدم الفقراء على الأغنياء في المآرب ، وهذه أخلاق طيبة وكان في كل فترة يذهب إلى كل قرية يتفقدها ويسأل عن فقرائها ومشاكلها ويحاول أن يحل هذه المشاكل ، رحم الله الشيخ كليب الشريدة واسكنه فسيح جنانه.
مشاركة الموضوع مع الأصدقاء :
Add This To Del.icio.us
Tweet/ReTweet This
Share on Facebook
StumbleUpon This
Add to Technorati
Digg This
|