بهجت التلهوني

بهجت التلهوني
الحديث عن بهجت التلهوني حديث عن شخصية مرموقة من الرعيل الأول ساهمت بدور متألق وحضور قوي في مسيرة الحياة السياسية مدة لا تقل عن ثلاثين عاماً. شخصيتنا لهذا اليوم دولة المرحوم بهجت التلهوني.

يعد بهجت التلهوني من الشخصيات الاردنية التي كان لها دور بارز في مجمل الأحداث الهامة في تاريخ الاردن المعاصر أو تلك التي تركت بصمات واضحة في تشى ميادين العمل السياسي الاردني ولقد عرف بمواقفه الوطنية والقومية الثابتة.

وُلد بهجت التلهوني في معان سنة 1913 ، ونشأ فيها ثم انتقل إلى سوريا مع والده ووالدته وأخيه وأخواته ، وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى ، وفي الطريق قُتل والده ووالدته وإخوانه وكان في حالة ضياع ومن هناك أخذه الناس إلى خالاته في دمشق حيث آووه ورعوه لفترة معينة ثم تولى عمه خليل التلهوني رعايته وأتم الدراسة الابتدائية في عمان وقتها وكانت الكتاتيب والمدارس صغيرة.

كان عنده طموح لمتابعة الدراسة فأصر أن يذهب إلى مدرسة السلط ولكن عمه أصر عليه أن يدخل في التجارة حتى يساعده ولم يكن مقتنعاً بأن الدراسة مجدية قدر التجارة لكنه أصر وطلب وجهاء وشخصيات معان فذهبوا إلى عمه وترجوه وطلبوا منه أن يسمح له أن يذهب ويدرس في السلط ، حيث أنهى الدراسة الثانوية ، ثم غادر إلى دمشق حيث أنهى الحقوق وبعد ذلك عمل في مكتب محاماة في عمان ثم أصبح رئيس محكمة البداية في الكرك ، وأخيراً في اربد قبل عودته إلى عمان وفي عمان اشتغل رئيس محكمة البداية والاستئناف ، ثم صارت حكومة فوزي الملقي وصار بها وزيراً للداخلية ثم أصبح وزيراً للعدلية ومن ثم في زمن المرحوم جلالة الملك حسين صار أول رئيس ديوان في زمنه عام 1953 ، وبقي رئيساً للديوان الملكي حتى سنة ,1960

وقد تحدث دولة السيد أحمد اللوزي عن اللقاء الأول الذي جمع بينه وبين المرحوم بهجت التلهوني قائلاً: في عام 1953 كنت مساعداً لرئيس التشريفات الملكية وكنا نلتقي في مكتب المرحوم منيب الماضي في عمارة المرحوم عبد الرحمن بشار الماضي ، وكان يلتقي مع دولة المرحوم أبو عدنان وهو كان رئيس محكمة.

والحقيقة الأساسية عندما أصبحت مساعداً لرئيس التشريفات الملكية ودولة المرحوم بهجت التلهوني بعد استقالة المرحوم فوزي الملقي ، أصبح رئيسا للديوان الملكي عام 1954 ، وفي عام 1954 بدأت العلاقة أنا كنت موظفا في الديوان مساعد رئيس التشريفات وهو رئيس الديوان الملكي والحقيقة لم يكن في ذلك الوقت موظفون في الديوان إلا بعدد أصابع اليدين رئيس الديوان وله مساعد ، رئيس التشريفات وله مساعد عبارة عن موظفين عاديين منهم أنور مصطفى ، غازي خير عبده فرج ، الدكتور شوكت الطبيب الخاص والشريف ناصر جاء ناظراً للخاصة الملكية ، وتسارعت الأحداث والحقيقة أن دولة المرحوم بهجت التلهوني امتاز بمواقف متعددة في القضاء فكان له مواقف وأحكام هامة فهو الذي حاكم رئيس الحزب الشيوعي "فؤاد نصار" وكانت له أحكام حتى في اربد لأشخاص مرموقين.

يشهد لأبي عدنان بالأمانة والاستقامة والجرأة بالحق ثم عندما بدأت الأمور تتفاعل وتسلم جلالة الملك الحسين في 2 ـ 5 مسؤولياته الدستورية عام 1953 حصلت عدة أمور كان دولة أبوعدنان رئيس الديوان الملكي: أولها: تعريب قيادة الجيش العربي ، وكان هو ومعالي المرحوم فلاح المدادحة اللذين ذهبا إلى بيت كلوب باشا واصطحباه إلى عندما اتخذ مجلس الوزراء القرار بتنفيذ رغبة جلالة الملك بتعريب القيادة وإنهاء خدمات كلوب وإنهاء خدمات القادة البريطانيين جميعاً ، والحقيقة هذا حاجز قام له العالم وقامت له الدنيا ، وقامت له المنطقة العربية بالإعجاب والإشادة بجلالة الملك لأن النفوذ البريطاني كان متمثلاً بالفريق كلوب باشا قائد الجيش العربي ثم كان له خدمات في العراق وفي المنطقة وحضور بين العشائر فاعتبر هذا القرار أنه إنهاء للهيمنة البريطانية.

أما عن علاقة رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابدة ببهجت التلهوني فيقول فيها الروابدة ان فارق السن بيني وبين المرحوم كان كبيراً كان رئيس وزراء قبل أن أتخرج من الجامعة تخرجت عام 1962 واستقال من الحكومة الأولى كانت لديه اهتمامات سياسية ونيابية ومنذ تلك الأيام منذ أن دخلت الوظيفة ولذلك كانت لي زيارات متكررة لنادي الملك الحسين وفي هذا النادي كان أبو عدنان رحمه الله هو المحور الذي يجتمع حوله العديد من السياسيين الاردنيين أما ما جذبني له وما جذبه لي فأنه معجب بالشباب أولاً ومعجب بالجرأة لأنها صفاته يعني أنا ما جذبني إليه رغم الاختلاف السياسي أحياناً مع جرأته في رأيه وجرأته في إيقاف الآخرين عند حدودهم وأحترامه لذاته أنه يحترم ذاته ولا يقبل من أحد أن يتجاوز حدود التعامل معه ، واحترامه للمنصب ، أنا أذكره وهو رئيس للوزراء لم يكن يقبل أن يتم التجاوز على صلاحياته ، أو على صلاحيات الحكومة بملمتر واحد من أي طرف كان.

وتحدثت السيدة زهرة المرادي عن طبيعة العلاقة التي كانت تجمع بينها وبين المرحوم أبو عدنان قائلةً: الحمد لله عشنا حياة هادئة مستقرة متفاهمين مع الاحترام المتبادل بيني وبينه ، وحياتنا كانت من أروع ما يكون والحمد لله وأنجبت ثلاثة أطفال منى وعدنان وغسان وبالنسبة للسياسة أنا لم أتدخل بالسياسة لأن أهلي ليسوا سياسيين. نحن يقولون عنا "مزارعون ملاكون" كنت مبسوطة معه ومرتاحة لأني أعرف أنه يسلك في الطريق المستقيم وأكثر شىء أفتخر به عندما وضع القانون المدني الذي تبنته كل البلاد العربية.

أما عن التدرج الوظيفي في حياة بهجت التلهوني فقد تحدث الدكتور سعد أبو ديه قائلاً: عمل أبو عدنان في مكتب عادل العظمة وأعجب في الوظيفة وكان يشتغل معه في القضايا ، وعندما عُين عادل العظمة في دمشق فترك له المكتب والقضايا فهو مبسوط في هذه الوظيفة عندما يتم التعيين في الحكومة يشترط أن يُعين خريج الحقوق إما رئيس كتاب أو مأمور إجراء وقال هو أنه يريد أن يتعين قاضيا وهذه أول وظيفة في الاردن ظل في القضاء ستة عشر عاماً ، أنا لاحظت أنه يحب القضاء لدرجة أنه عندما تعين رئيس وزراء في عام (1964) اختار معه رئيس وزراء وزير العدلية ، ما اختار وزارة خارجية أو وزارة دفاع وظل يحب القضاء. والمحطة الثانية في حياته عندما استلم وزيراً للداخلية وعُين في مكان آخر قاضيا للقضاة ووزير عدلية هناك وجد نفسه. ثم المحطة الثالثة عام (1956) التعريب إلى جانب جلالة الملك الحسين يرحمه الله.

أبو عدنان شكل الوزارة ثلاث مرات المرة الأولى والثانية كانتا ترميم بعد حادثة اغتيال هزاع المجالي وعندما طلب منه جلالة الملك أن يشكل وزارة في الديوان وتكون الرئاسة في الديوان.

وحول عمله رئيساً لمجلس الأعيان فقد أضاف الروابدة قائلاً: في دراسته للتشريعيات ، واستفادته من خلفيته القانونية ، خلفيته القضائية وكانت سيطرته على إدارة الجلسة وليست سيطرته على المجلس والفارق بينهما كبير ، سيطرته على إدارة الجلسة وهذه من صفات القادة الإدرايين الحنكة يوجد هنالك أناس يسيطرون على مرؤوسيهم بأساليب مختلفة ، اما أن تسيطر بأسلوب إداري ، أنا أعتقد أنه كان ينجز إنجازا جيدا ، مجلس الأعيان في موضوع التشريعات في العهد الذي تولى فيه أبو عدنان.

وقال اللوزي: ان إنجاز ابوعدنان التاريخي كان القانون المدني عام 1977 بالنسبة للأردن فدولة أبو عدنان بصماته ومواقفه وخدمته للوطن برأيي من القضاء إلى الوزارة إلى الديوان الملكي لرئاسة الأعيان كانت خدمة مرموقة وكان جسرا وهمزة وصل حتى مع الدول التي نختلف معها في الرأي ، وعندما طرح جلالة سيدنا مشروع الممكلة العربية المتحدة بين الاردن وفلسطين كان هو الرسول مع وفد من الأعيان والحكومة في ذلك الوقت.

ووصف الروابدة بهجت التلهوني قائلاً: كان شخصية سياسية قيادية أردنية مرت في تاريخ هذا البلد كان لها دور بارز وفي مفاصل أو في مواقف مفصلية في هذا البلد ، نحترم ونقدر الدور الذي قام به نحترم اختلافه معنا واختلافنا معه ، لأنه هذا الاختلاف لم يكن قائماً على قواعد شخصانية ، بتاتاً وإنما اختلاف من أجل المصحلة العامة ، ولذلك تمتع بالاحترام.

أما اللوزي فيقول: أنا أترحم عليه الرحمات من رب العالمين ، ولكني أستشعر أنه للحقيقة والحق كان رجل مواقف ورجلا يتوخى العدل ما استطاع إليه سبيلا ويحب الناس ويقترب منهم ويوادهم ويختلف ويرضى ويغضب لكن للحق وللعدل وليس لشىء شخصي.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).