الشيخ عبد القادر التل |
يعد الشيخ عبدالقادر أحمد التل أحد رجال السياسة والإدارة حيث كانت له مشاركة فاعلة في العديد من المؤتمرات الوطنية والعربية والإسلامية المعروفة التي شهدتها البلاد وذلك خلال الحكم العثماني والفيصلي وقيام الإمارة الأردنية وإعلان المملكة.
ولد الشيخ عبدالقادر أحمد في إربد عام م1876 وتخرج من المدرسة السلطانية في دمشق وينحدر عبدالقادر التل (الزيداني) من سلالة عائلة التل الأردنية والتي قدَّمت للأردن رجالات عظام ورثوا عن ذويهم شرف الانتماء والولاء لهذه الأرض فأخذوا على عاتقهم مسؤولية الذود عن الحمى وقدموا أرواحهم ليبقى الأردن صامداً أمام نائبات الدهر فمنهم وصفي التل ومصطفى وهبي التل (عرار) وحسن التل ومريود التل وخلف التل.
ويعتبر الشيخ عبد القادر التل أبرز رجالات عشيرة آل التل (التلول) في إربد ففي عام (1908) كان ممثلاً لشمال الأردن في المجلس العمومي الأول لولاية سوريا. جاءت مشاركة الشيخ عبد القادر التل في مؤتمر عجلون والذي عقد في يوم 11 تشرين الثاني م1919 من أجل مناقشة قرار وعد بلفور الذي فرضته دول الاستعمار على المنطقة بهدف تقسيم الأمة وإضعاف وحدتها. فما كان من الرجالات الأردنية إلا شجب هذا الوعد ورفضه وذلك نظراً لطبيعة العلاقة التي تجمع الأشقاء الأردنيين (منطقة شرق النهر) بالفلسطينيين (منطقة غرب النهر) فعملوا على رفع برقية للخارجية البريطانية موقعه من 120 شخصية من منطقة الشمال الأردني أبرزهم عبد القادر التل ومصطفى الجازي ، وبرهم السماوي وكايد المفلح العبيدات وسليمان السودي ومصطفى المفتي. وأكدت مصادر عديدة أن الذين تحدثوا في هذا المؤتمر هم راشد الخزاعي وكايد المفلح العبيدات وعبد القادر التل وسلطي الإبراهيم.
كان عبد القادر التل أحد أعضاء مجلس سنجق عجلون وذلك عام م1914 وقد أبدى ارتياحه لنشاط جمعية العربية الفتاة وذلك في أول منشور للجمعية نقله له الطالب في مكتب عنبر بدمشق مصطفى وهبي التل فما كان منه إلا أن طلب من مصطفى التل ومن محمد صبحي أبو غنيمة تزويده بجميع المناشير والبيانات التي تصدر عن هذه الجمعية السرية. يقول الأستاذ محمود العبيدات في أوراقه: "في 30 كانون الأول 1914 عقد اجتماع لمجلس قضاء عجلون وقد تركز النقاش على فقدان المواد الغذائية الأساسية وفقدان المحروقات والتوقف عن مصادرة المؤن والمحاصيل المتبقية في مخازن التجار ومحاربة الجراد أما حاكم القضاء فقد كان هدفه من هذا الاجتماع إعلان التعبئة العامة حيث دخلت تركيا الحرب العالمية الأولى وطلبت من جميع فئات المكلفين في الجندية أن يتقدموا للانخراط في صفوف الجيش. فطلب عبدالقادر التل من عضوي مجلس القضاء كايد المفلح وسليمان السودي الاجتماع في منزله لمناقشة الوضع القائم فاتفقوا على إرسال أحمد الموسى إلى درعا وحملوه رسالة إلى الشيخ فاضل المحاميد ليضعهم في صورة الأحداث المستجدة وعاد الموفد بعد يومين يحمل رسالة من الشيخ المحاميد يعلمهم فيها أن اللجنة العليا لجمعية العربية الفتاة اجتمعت وقررت العمل إلى جانب تركيا لكي تقاوم التدخل الأجنبي وكان هذا موقفاً عربياً التزم به عبدالقادر التل والزعامات الشمالية".
وصل الأمير فيصل إلى مدينة دمشق وهناك رفع العلم العربي على دار السرايا وتم تشكيل أول حكومة عربية وتم إلغاء التشكيلات الإدارية التركية ليتم تقسيم سورية إلى ثمانية ألوية وجاء تعيين عبدالقادر التل كمدير للمالية في إربد. وعندما عقد مؤتمر قم في نيسان م1920 في ديوان الشيخ ناجي العزام كان للشيخ عبد القادر التل مشاركة فاعلة بالإضافة إلى العديد من زعماء ووجهاء ومشايخ منطقة الشمال الأردني. ومنهم عبدالمجيد الدلقموني ، محمد السمرين خريس ، شحادة التل ، سعد العلي البطاينة ، وعبدالرحمن إرشيدات وغيرهم. كما كان للشيخ عبدالقادر التل مشاركة فاعلة في المؤتمر الوطني الأردني والذي عُقد في عمان 25 تموز م1928 واستضاف المؤتمر الوطني الثالث عام 1930م.
عقد المؤتمر العربي الإسلامي في القدس في 7 كانون الأول م1931 وفي هذا المؤتمر تم اعتبار القضية الفلسطينية قضية عربية إسلامية قومية وكان الشيخ عبد القادر التل عضواً في لجنة جمع الموارد المالية والتبرعات وعضواً في لجنة الأماكن المقدسة والبراق ، بعد ذلك دعت لجنة الدفاع عن فلسطين في سوريه إلى عقد مؤتمر شعبي في بلودان عام 1937 كان الشيخ عبد القادر التل أحد الممثلين للواء عجلون.
ولا بد هنا من التطرق إلى موقف الشيخ عبدالقادر التل والدور العظيم الذي قام به مع ناجي العزام لإنقاذ مدينة إربد من التدمير حيث عزمت القوات الإنكليزية على نصب مدافعها على تل شيعر المطل على مدينة إربد من الجهة الغربية حيث جاءت هذه القوات من الأغوار الشمالية باتجاه منطقة الوسطية وإربد وكانت القوات التركية قد احتلت خطأً دفاعياً من بلدة (زبدا) غربي إربد وصولاً إلى بلدة (بيت رأس) وجاء الترتيب على أن يتم تدمير مدينة إربد بهدف القضاء على الحامية التركية المتواجدة فيها وعندما جاء القائد الإنجليزي إلى ديوان ناجي العزام أرسل الشيخ ناجي العزام رسولاً إلى الشيخ عبدالقادر التل ليبلغه بنوايا القائد الإنجليزي فهب عبد القادر التل وعدداً من الزعامات المحلية للقاء القائد الانجليزي وطلبوا منه عدم قصف المدينة خوفاً على السكان فوافق القائد الانجليزي على طلبهم.
في 20 تشرين الأول من عام م1942 تم انتخاب المجلس التشريعي الخامس وقد نجح الشيخ عبدالقادر في هذه الانتخابات وأصبح ممثلاً للواء عجلون وكان معه أيضاً موسى العواد الحجازي وعيسى العوض بالإضافة إلى سالم الهنداوي.
وأضاف الأستاذ محمود عبيدات قائلاً: انتخب عبدالقادر التل عضواً في لجان الرد على خطاب العرش في 14 تشرين الثاني م1942 وفي 4 حزيران م1943 وفي 5 تشرين الثاني م1944 وانتخب عضواً في اللجنة الإدارية للمجلس التشريعي في جلسته الثانية للدورة العادية بتاريخ 14 تشرين الثاني م1942 وانتخب أيضاً عضواً في اللجنة المالية ، الجلسة الأولى للدورة العادية الثالثة وشكل عبد القادر التل كتلة برلمانية ضمت: حسين الطراونة وسالم الهنداوي وحمد بن جازي وفوزي المفتي ، أتم هذا المجلس مدته الدستورية عام م1945 ثم مُدد له سنتين أخريين فاستمر في عمله حتى إعلان الدستور الجديد سنة م1947 وهذا المجلس هو الذي أعلن استقلال البلاد وبايع الملك عبدالله بن الحسين بالمُلك في 25 أيار م1946 والمجلس التشريعي هو آخر المجالس التشريعية ، لتبدأ مع الملكية مرحلة جديدة من الحياة التشريعية بمجلسين: مجلس الأعيان ومجلس النواب وتحت اسم (مجلس الأمة) وقد حدد أعضاء مجلس النواب بعشرين عضواً ومجلس الأعيان بعشرة أعضاء ، وقد كان مجلس النواب الأول مميزاً في أعضائه وكانت انتخابات هذا المجلس حرة إلى حد بعيد ومن بين أعضاء هذا المجلس: هاشم خير وسعيد المفتي عن لواء البلقاء ، عبد الحليم النمر وصالح المعشر عن قضاء السلط ، عبد القادر التل وشفيق إرشيدات وأمين أبو الشعر عن قضاء إربد ، خليل العمارين عن قضاء الكرك ، عاكف الفايز عن بدو الشمال ، حمد بن جازي عن بدو الجنوب وكان هاشم خير رئيساً لهذا المجلس وعند وفاته أنتخب عبد القادر التل رئيساً للمجلس ، وقد تم حل مجلس النواب ابتداءً من 1 كانون الثاني م1950 وذلك بهدف إجراء انتخابات جديدة لتشمل الضفتين بعد الوحدة.
عُرف الشيخ عبدالقادر التل بعفته ونظافة مسلكه فكان نزيهاً شريفاً صاحب خبرة اقتصادية حيث قال فيه الشيخ تركي الكايد العبيدات "كان أخي عبدالقادر عضواً بارزاً في المجلس التشريعي ، ويتميز عن غيره بأنه كان صديقاً للجميع ، وكان الأمير عبدالله من المعجبين بمداخلاته ، وصفق له مرة في المجلس عندما طالب بتحويل نفقات المعتمد البريطاني ، وبناءً على ذلك كانت رغبتنا مؤكدة على ترشيحه لمجلس النواب ، فاتفقت مع الباشا سليمان السودي الروسان والمربي الكبير حسين الطوالبة على دعمه في الانتخابات".
دعا الشيخ عبدالقادر التل وجهاء ومشايخ منطقة الشمال الأردني إلى مطالبة الحكومة باعتماد دستور للبلاد وتأسيس مجلس نيابي وبالفعل اجتمع وجهاء العشائر في ديوان آل التل يوم 27 حزيران م1926 وتم في هذا الاجتماع تنظيم وفد يتكون من عشرين شخصية أردنية من وجهاء العشائر في جميع المناطق الأردنية ليزوروا رئيس الوزراء ويخبروه بمطالبهم.
وهكذا فإن المتتبع لمسيرة الشيخ عبد القادر التل يجده قد بقي واقفاً صامداً معتزاً بوطنيته رغم شدة الرياح التي عصفت به خلال المواقع والمناصب العديدة التي شغلها وتنقل بها فالتزم بآرائه ودافع عنها خلال سنوات عمله ، ولكنه وفي أواخر سني حياته اعتزل الحياة السياسية وتفرغ للعمل الاجتماعي لحين وفاته عام 1962م.
رحم الله الشيخ عبدالقادر أحمد التل وأسكنه فسيح جناته.
مشاركة الموضوع مع الأصدقاء :
Add This To Del.icio.us
Tweet/ReTweet This
Share on Facebook
StumbleUpon This
Add to Technorati
Digg This
|