توفيق النمري |
يعد الحديث عن شخصية
الفنان الأسطورة توفيق النمري حديث عن مؤسس للأغنية الفلكلورية الأردنية ،
والتي ما تزال حاضرة بيننا تطرب الأسماع بها منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن
فكان نتاجه ألف أغنية تنوعت بين اللون العاطفي المعبرّ المستقى من طبيعة
المكان والظروف القائمة به إضافة الى اللون الحماسي الذي يدعوا الى شحذ
الهمم ناهيك عن الأغنية الوطنية الأردنية المعبّرة. "حسنك يازين" "قلبي
يهواها البنت الريفية" ضمة ورد من جنينتنا" "دخلك يازيزفونة" "مرحى
لمدرعاتنا" وغيرها الكثير الكثير عجَّت بها الإذاعة الأردنية وإذاعة رام
الله على مر العقود الماضية.
ولد الفنان توفيق النمري في بلدة الحصن الواقعة على أطراف مدينة إربد عام م1918 توفي والده وهو طفل صغير فقام جده الشيخ رزق الله المنَّاع النمري بتربيته ورعاية شؤونه ، وفي موقف حصل له وهو صغير ذكره الفنان توفيق النمري ولا يزال حاضراً في ذاكرته حيث قام شيخ قبيلة معروفة بزيارة جده الشيخ رزق الله النمري فسأل هذا الشيخ: من هذا الصبي فأجاب جده: إنه حفيدي فقال له الشيخ وأنا سأسميه باسمي فأطلق عليه اسم فدعوس فكان هذا الاسم الأصلي للفنان توفيق النمري وعندما التحق بمدرسة البلدة ارتأى مدير المدرسة أن هذا الإسم لا يليق بطفل صغير فأطلق عليه اسم توفيق حيث رافقه هذا الاسم طوال حياته.
بدأت موهبة الغناء تظهر عند الفنان توفيق النمري عندما كان طفلاً صغيراً فكان على الدوام يغني في احتفالات المدرسة عند انتهاء العام الدراسي ، وكان يضع رأسه في (الخابية) وهي المكان الذي يوضع فيه ماء الشرب ويبدأ بالغناء فيسعد عند سماع صدى صوته فيها ، كما تجلت موهبته في الغناء عندما كان يذهب الى الكنيسة برفقة جده ويبدأ بترتيل الكتاب المقدّس بالإضافة لحفظه العديد من الألحان الدينية ، لقد وجد هذا الطفل كل الدعم والمؤازرة من أقربائه ومعلميه الذين يستمعون إليه فوجدوا أن لديه ملكة لا مثيل لها في خامة صوته ، فقام معلم المدرسة الأستاذ متر حمارنه باصطحابه الى حيفا وكان يردد أغنية محمد عبد الوهاب "يا جارة الوادي" بالإضافة الى العديد من الأغاني الشعبية ومونولوج "مابدها شيطة" وكان الفنان توفيق النمري يغني في الحفلات والتي تُقام بمختلف المناسبات ، وعند لقاء الأصدقاء وأشار إليه الأديب حسني فريز حيث أهداه قصيدة "هياكل الحب".
عمل الفنان توفيق النمري موظفاً إدارياً مع الجيش البريطاني أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية وقد انتقل معهم في كل جبهات القتال التي حلّوا بها وكان يجمع التراث والفلكلور من كل منطقة ينزل بها. وفي حديث للفنان توفيق النمري للزميل طلعت شناعة قال فيه: في مرحلة (الجلاء) للجيوش الانجليزية عن الأردن حملت عودي وسافرت الى رام الله عام م1949 ولم أكن أعرف أحد هناك. والتقيت راجي صهيون مساعد مدير الإذاعة وطلب مني إعداد أغنية لشهر رمضان وانتهيت منها في اليوم الثاني حيث سهرت في الفندق وكانت الأغنية باللهجة المصرية "يا فرحة المؤمن لما يشوف هلالك هل وبان" وقدموني كفنان أردني من الضفة الشرقية لأول مرة. وحين زار جلالة الملك عبد الله الأول رام الله ، استدعاني مدير الإذاعة وطلب مني أغنية لاستقبال جلالة الملك المؤسس ، وعلمت أن جلالته يحب الأغاني الحجازية ووقع اختياري على أغنية "أبو طلال تاجك غالي علينا" واذكر أن جلالته قال بعدها لمدير الإذاعة: هذا المطرب صوته زين وأوصى بي خيراً. كما قدمت أغنية "قلبي يهواها" وأغنية "ريفية وحاملة الجرة" وغيرها ، واعتقد أن أجمل فترة قضيتها في حياتي وأجمل أغانيَّ كانت في "رام الله". وبعد مرور عشر سنوات انتقل الفنان توفيق النمري ليعمل في الإذاعة الأردنية بعمان وعبر أثير الإذاعة الأردنية وصلت أغاني الفلكلور الأردني بصوت توفيق النمري الى أسماع الأردنيين جميعاً وقد أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية شأنها شأن ضروريات الحياة الأخرى لأنها لامست روحهم وعرضت واقعهم البسيط الطيب ، فحددّ اللون الأردني في أغانيه. عَمًلَ الفنان توفيق النمري وحده كفريق متكامل حيث كان يكتب الأغاني ويلحنها ويغنيها بصوته.وقد تحدث الدكتور محمد الغوانمه في شخصية توفيق النمري قائلاً: انصب اهتمام توفيق النمري منذ التحاقه بالإذاعة الأردنية عام م1949 على التراث الغنائي الأردني ، عازفاً ومؤدياً وشمل اهتمامه أيضاً نظم وتلحين الأغاني والأهازيج المصوغه على هذا النمط دون سواه ، بالإضافة الى تهذيب النصوص والألحان دون المساس بأصالتها وخصائصها العامة ، ساعده في ذلك دراسته الخاصة للأدب والشعر ، مما كان له أثره الفعال في تأصيل هذا اللون المتميز من الغناء الأردني.
كان لنشأة الفنان توفيق النمري الريفية أثر ملموس في حفظ العديد من الألحان التراثية حيث جمع منها حصيلة وافرة ، ازدادت ونمت نتيجة لاحتكاكه بمختلف الأوساط والفئات الشعبية الأردنية. كما وضع العديد من الحان القصائد والأغاني والأناشيد الوطنية ، الفردية والجماعية ، ولكافة المناسبات ، تقاربت سماتها العامة من السمات الخاصة بألحان أهازيج وأغاني التراث الشعبي الأردني ، استوعبتها وأحبتها الجماهير ، واختزنتها الذاكرة الشعبية ، حتى أصبحت متداولة جنباً الى جنب مع ألحان التراث الشعبي الأردني.
عُني توفيق النمري بالمحافظة على تراث الآباء والأجداد ، وقدمه بآلاته الموسيقية الشعبية الأصلية ، كالربابة والمجوز أحياناً وآلات التخت العربي أحياناً أخرى ، دون اللجوء الى آلات حديثة تفسد طابع هذا التراث. انضم توفيق النمري الى عضوية جمعية المؤلفين والملحنين العالمية والمجمع العربي للموسيقى - بغداد ، كما شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات حيث ألقى فيها محاضرات قيمة حول التراث الغنائي ، فقد قدم الأغنية الأردنية في كوريا الديمقراطية وحصل على وسام من رئيسها كما حصل على عضوية الملحنين الفرنسيين من خلال تقديمه للون الشعبي الأردني بالإضافة الى قيامه بشر العديد من المقالات والدراسات الموسيقية في المجلات والصحف المحلية والعربية ، كما لَّحن للعديد من المطربين الأردنيين والعرب مثل: وديع الصافي (حسنك يازين جنني وخلالي عقلي طاير ) و(فلبي يهواها البنت النشمية) وسميرة توفيق (أسمر خفيف الروح بلحظة رماني) وكروان دمشق(والله لاتبع محبوبي) و(ربع الكفاف الحمر) وسعاد هاشم (طيارة بتحوم) وهدى سلطان(مشتاق لك يارفيق الروح) وفؤاد حجازي ونصري شمسي الدين ونجاح سلام وآخرون...
أجاد الفنان توفيق النمري اختيار كلماته وألحانه فكل من سمعها ألفها واستحسنها فكل مناسبة أردنية وكل مهرجان يُقام تجد أغاني توفيق النمري تصدح في سماء الأردن.
وقف شيخ الفنانين الأردنيين توفيق النمري أمام أمين عمّان وطالبه بأن تطلق الأمانة اسم توفيق النمري على أحد شوارعها حتى يتمكن من السير فيه وهو حي ، عُرف عن الفنان توفيق النمري صفاء الذهن وحُسن تقدير الأمور بالإضافة لامتلاكه ذاكرة قوية ما خذلته يوماً فكانت هواية تصليح الساعات ملازمةً له على مدى سنوات طويلة فيشعر بنشوة كبيرة عند قيامه بتصليح ساعة الم بها خلل ما فيسعى لإزالة هذا العطل ويعيد الساعة التي تحسب الأوقات الى طبيعتها التي وجدت لأجلها.
ارتبط الفنان توفيق النمري بعلاقة طيبة بشاعر الأردن (عرار) وجمع بينهما رابط مشترك فالفنان توفيق النمري تغنى بمناطق الأردن جميعها سهلها وجبلها وواديها وغورها ونهرها وكذلك الشاعر عرار الذي كان ينظم شعره في كل مكان يحل ويرتحل إليه ، وكانا على الدوام يسعيان لإقامة أمسيات الشعر والطرب في حال لقائهما.
ارتبط إسم توفيق النمري بكل ما هو أصيل مؤصل فعاصَر الدولة الأردنية منذ نشأتها وبقي شاهداً على الأحداث مثل سنديانة شامخة ، أغنياته وألحانه أطربت الأجيال وما زالت وستبقى لأنها اعتمدت على اللهجة العامية البسيطة في بنائها اللغوي فكانت سهلة الاستيعاب والتذوق وجدت في التلقائية والعفوية في التعبير ووضوح المغزى الطريق الى أسماع الناس فمن منّا لا يُعجب بأغاني توفيق النمري الذي أصّل الفلكلور الأردني فجاء إليه الفنانين من جميع الأقطار العربية لينهلو من معينه الذي لا ينضب بالألحان ، وفي عام م1955 سجَّل الفنان النمري ستة أغانْ لإذاعة دمشق وهي "البنت الريفية" و"ناداني وناديته" و"بين الجناين" و"يا غزيل" و"على ضفافك يا بردى" ، فأوصل الفلكلور الأردني الأصيل الى جميع أصقاع الدنيا ، فمكانته الرفيعة التي أوجدها لنفسه واستحقها بكل جدارة واقتدار جعلته حاضراً في ذاكرة الشعب الأردني عصي على النسيان فجاء تكريمه من جهات عديدة وما أكثرها و كذلك فقد حصل على وساميّ الحسين والاستقلال ونال درع البتراء. أمد الله في عمر الفنان توفيق النمري وهو الآن قد تجاوز الثالثة والتسعين من عمره وأمتعه بموفور الصحة والعافية ليبقى هو وأغانيه وألحانه أحد رموز هويتنا الوطنية الأردنية التي نعتز بها ولتبقى (لوحي بطرف المنديل) و(البنت الريفية) و(قلبي يهواها) و(دخلك يازيزفونه) وغيرها الكثير جذوراً للفلكلور الأردني واللون الأردني المميّز الذي عُرف في كل أقطار الدنيا.
ولد الفنان توفيق النمري في بلدة الحصن الواقعة على أطراف مدينة إربد عام م1918 توفي والده وهو طفل صغير فقام جده الشيخ رزق الله المنَّاع النمري بتربيته ورعاية شؤونه ، وفي موقف حصل له وهو صغير ذكره الفنان توفيق النمري ولا يزال حاضراً في ذاكرته حيث قام شيخ قبيلة معروفة بزيارة جده الشيخ رزق الله النمري فسأل هذا الشيخ: من هذا الصبي فأجاب جده: إنه حفيدي فقال له الشيخ وأنا سأسميه باسمي فأطلق عليه اسم فدعوس فكان هذا الاسم الأصلي للفنان توفيق النمري وعندما التحق بمدرسة البلدة ارتأى مدير المدرسة أن هذا الإسم لا يليق بطفل صغير فأطلق عليه اسم توفيق حيث رافقه هذا الاسم طوال حياته.
بدأت موهبة الغناء تظهر عند الفنان توفيق النمري عندما كان طفلاً صغيراً فكان على الدوام يغني في احتفالات المدرسة عند انتهاء العام الدراسي ، وكان يضع رأسه في (الخابية) وهي المكان الذي يوضع فيه ماء الشرب ويبدأ بالغناء فيسعد عند سماع صدى صوته فيها ، كما تجلت موهبته في الغناء عندما كان يذهب الى الكنيسة برفقة جده ويبدأ بترتيل الكتاب المقدّس بالإضافة لحفظه العديد من الألحان الدينية ، لقد وجد هذا الطفل كل الدعم والمؤازرة من أقربائه ومعلميه الذين يستمعون إليه فوجدوا أن لديه ملكة لا مثيل لها في خامة صوته ، فقام معلم المدرسة الأستاذ متر حمارنه باصطحابه الى حيفا وكان يردد أغنية محمد عبد الوهاب "يا جارة الوادي" بالإضافة الى العديد من الأغاني الشعبية ومونولوج "مابدها شيطة" وكان الفنان توفيق النمري يغني في الحفلات والتي تُقام بمختلف المناسبات ، وعند لقاء الأصدقاء وأشار إليه الأديب حسني فريز حيث أهداه قصيدة "هياكل الحب".
عمل الفنان توفيق النمري موظفاً إدارياً مع الجيش البريطاني أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية وقد انتقل معهم في كل جبهات القتال التي حلّوا بها وكان يجمع التراث والفلكلور من كل منطقة ينزل بها. وفي حديث للفنان توفيق النمري للزميل طلعت شناعة قال فيه: في مرحلة (الجلاء) للجيوش الانجليزية عن الأردن حملت عودي وسافرت الى رام الله عام م1949 ولم أكن أعرف أحد هناك. والتقيت راجي صهيون مساعد مدير الإذاعة وطلب مني إعداد أغنية لشهر رمضان وانتهيت منها في اليوم الثاني حيث سهرت في الفندق وكانت الأغنية باللهجة المصرية "يا فرحة المؤمن لما يشوف هلالك هل وبان" وقدموني كفنان أردني من الضفة الشرقية لأول مرة. وحين زار جلالة الملك عبد الله الأول رام الله ، استدعاني مدير الإذاعة وطلب مني أغنية لاستقبال جلالة الملك المؤسس ، وعلمت أن جلالته يحب الأغاني الحجازية ووقع اختياري على أغنية "أبو طلال تاجك غالي علينا" واذكر أن جلالته قال بعدها لمدير الإذاعة: هذا المطرب صوته زين وأوصى بي خيراً. كما قدمت أغنية "قلبي يهواها" وأغنية "ريفية وحاملة الجرة" وغيرها ، واعتقد أن أجمل فترة قضيتها في حياتي وأجمل أغانيَّ كانت في "رام الله". وبعد مرور عشر سنوات انتقل الفنان توفيق النمري ليعمل في الإذاعة الأردنية بعمان وعبر أثير الإذاعة الأردنية وصلت أغاني الفلكلور الأردني بصوت توفيق النمري الى أسماع الأردنيين جميعاً وقد أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية شأنها شأن ضروريات الحياة الأخرى لأنها لامست روحهم وعرضت واقعهم البسيط الطيب ، فحددّ اللون الأردني في أغانيه. عَمًلَ الفنان توفيق النمري وحده كفريق متكامل حيث كان يكتب الأغاني ويلحنها ويغنيها بصوته.وقد تحدث الدكتور محمد الغوانمه في شخصية توفيق النمري قائلاً: انصب اهتمام توفيق النمري منذ التحاقه بالإذاعة الأردنية عام م1949 على التراث الغنائي الأردني ، عازفاً ومؤدياً وشمل اهتمامه أيضاً نظم وتلحين الأغاني والأهازيج المصوغه على هذا النمط دون سواه ، بالإضافة الى تهذيب النصوص والألحان دون المساس بأصالتها وخصائصها العامة ، ساعده في ذلك دراسته الخاصة للأدب والشعر ، مما كان له أثره الفعال في تأصيل هذا اللون المتميز من الغناء الأردني.
كان لنشأة الفنان توفيق النمري الريفية أثر ملموس في حفظ العديد من الألحان التراثية حيث جمع منها حصيلة وافرة ، ازدادت ونمت نتيجة لاحتكاكه بمختلف الأوساط والفئات الشعبية الأردنية. كما وضع العديد من الحان القصائد والأغاني والأناشيد الوطنية ، الفردية والجماعية ، ولكافة المناسبات ، تقاربت سماتها العامة من السمات الخاصة بألحان أهازيج وأغاني التراث الشعبي الأردني ، استوعبتها وأحبتها الجماهير ، واختزنتها الذاكرة الشعبية ، حتى أصبحت متداولة جنباً الى جنب مع ألحان التراث الشعبي الأردني.
عُني توفيق النمري بالمحافظة على تراث الآباء والأجداد ، وقدمه بآلاته الموسيقية الشعبية الأصلية ، كالربابة والمجوز أحياناً وآلات التخت العربي أحياناً أخرى ، دون اللجوء الى آلات حديثة تفسد طابع هذا التراث. انضم توفيق النمري الى عضوية جمعية المؤلفين والملحنين العالمية والمجمع العربي للموسيقى - بغداد ، كما شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات حيث ألقى فيها محاضرات قيمة حول التراث الغنائي ، فقد قدم الأغنية الأردنية في كوريا الديمقراطية وحصل على وسام من رئيسها كما حصل على عضوية الملحنين الفرنسيين من خلال تقديمه للون الشعبي الأردني بالإضافة الى قيامه بشر العديد من المقالات والدراسات الموسيقية في المجلات والصحف المحلية والعربية ، كما لَّحن للعديد من المطربين الأردنيين والعرب مثل: وديع الصافي (حسنك يازين جنني وخلالي عقلي طاير ) و(فلبي يهواها البنت النشمية) وسميرة توفيق (أسمر خفيف الروح بلحظة رماني) وكروان دمشق(والله لاتبع محبوبي) و(ربع الكفاف الحمر) وسعاد هاشم (طيارة بتحوم) وهدى سلطان(مشتاق لك يارفيق الروح) وفؤاد حجازي ونصري شمسي الدين ونجاح سلام وآخرون...
أجاد الفنان توفيق النمري اختيار كلماته وألحانه فكل من سمعها ألفها واستحسنها فكل مناسبة أردنية وكل مهرجان يُقام تجد أغاني توفيق النمري تصدح في سماء الأردن.
وقف شيخ الفنانين الأردنيين توفيق النمري أمام أمين عمّان وطالبه بأن تطلق الأمانة اسم توفيق النمري على أحد شوارعها حتى يتمكن من السير فيه وهو حي ، عُرف عن الفنان توفيق النمري صفاء الذهن وحُسن تقدير الأمور بالإضافة لامتلاكه ذاكرة قوية ما خذلته يوماً فكانت هواية تصليح الساعات ملازمةً له على مدى سنوات طويلة فيشعر بنشوة كبيرة عند قيامه بتصليح ساعة الم بها خلل ما فيسعى لإزالة هذا العطل ويعيد الساعة التي تحسب الأوقات الى طبيعتها التي وجدت لأجلها.
ارتبط الفنان توفيق النمري بعلاقة طيبة بشاعر الأردن (عرار) وجمع بينهما رابط مشترك فالفنان توفيق النمري تغنى بمناطق الأردن جميعها سهلها وجبلها وواديها وغورها ونهرها وكذلك الشاعر عرار الذي كان ينظم شعره في كل مكان يحل ويرتحل إليه ، وكانا على الدوام يسعيان لإقامة أمسيات الشعر والطرب في حال لقائهما.
ارتبط إسم توفيق النمري بكل ما هو أصيل مؤصل فعاصَر الدولة الأردنية منذ نشأتها وبقي شاهداً على الأحداث مثل سنديانة شامخة ، أغنياته وألحانه أطربت الأجيال وما زالت وستبقى لأنها اعتمدت على اللهجة العامية البسيطة في بنائها اللغوي فكانت سهلة الاستيعاب والتذوق وجدت في التلقائية والعفوية في التعبير ووضوح المغزى الطريق الى أسماع الناس فمن منّا لا يُعجب بأغاني توفيق النمري الذي أصّل الفلكلور الأردني فجاء إليه الفنانين من جميع الأقطار العربية لينهلو من معينه الذي لا ينضب بالألحان ، وفي عام م1955 سجَّل الفنان النمري ستة أغانْ لإذاعة دمشق وهي "البنت الريفية" و"ناداني وناديته" و"بين الجناين" و"يا غزيل" و"على ضفافك يا بردى" ، فأوصل الفلكلور الأردني الأصيل الى جميع أصقاع الدنيا ، فمكانته الرفيعة التي أوجدها لنفسه واستحقها بكل جدارة واقتدار جعلته حاضراً في ذاكرة الشعب الأردني عصي على النسيان فجاء تكريمه من جهات عديدة وما أكثرها و كذلك فقد حصل على وساميّ الحسين والاستقلال ونال درع البتراء. أمد الله في عمر الفنان توفيق النمري وهو الآن قد تجاوز الثالثة والتسعين من عمره وأمتعه بموفور الصحة والعافية ليبقى هو وأغانيه وألحانه أحد رموز هويتنا الوطنية الأردنية التي نعتز بها ولتبقى (لوحي بطرف المنديل) و(البنت الريفية) و(قلبي يهواها) و(دخلك يازيزفونه) وغيرها الكثير جذوراً للفلكلور الأردني واللون الأردني المميّز الذي عُرف في كل أقطار الدنيا.
مشاركة الموضوع مع الأصدقاء :
Add This To Del.icio.us
Tweet/ReTweet This
Share on Facebook
StumbleUpon This
Add to Technorati
Digg This
|